أهل القرآن، في حق الله تعالى، طولب بشيء، فقال: ما يخرج من هذا المكان ولو حارب العزة؛ فرفع أمره للقاضي المالكي نائب الحكم شمس الدين المطماطي، فأمر بحبسه والتضييق عليه في سجن الدير، فبلغ القاضي برهان الدين بن المعتمد نائب الحكم الشافعي فحكم بإسلامه، فاستشاط قاضي القضاة المالكي شهاب الدين المريني وأمر بالتضييق عليه في السجن أكثر ما كان، إلى أن أطلق في يوم الثلاثاء ثامن عشريه بواسطة مولانا الشيخ، وكان الرسول لقاضي القضاة المالكي شهاب الدين الحمراوي، وكان في السجن في قيد وغل تلك الليلة.
وفي آخر هذه السنة بلغني أن المدرستين اللتين ببنائهما أمر السلطان لما حج، انتهتا، وهما مدرسة بمكة المشرفة لصق الحرم الشريف بين بابي الرحمة والسلام، بمنارة، وأخرى بالمدينة الشريفة لصق الحرم النبوي بين بابي الرحمة والسلام أيضاً، ورتب فيهما تعاليم للطلبة؛ ولما كان حج، كان معه أخو المحدث شمس الدين السخاوي، فكتب جميع ما يقع للسلطان في سفره، ليدون ذلك أخوه.
[سنة ست وثمانين وثمانمائة]
... خرجت زوجة القاضي شرف الدين بن عيد للقاهرة، ولم يأت إلى الآن خبر زوجها، وودعها القاضي محب الدين بن القصيف راكباً أمام جمل المحارة إلى خارج البلد! وفي يوم الجمعة بعد صلاتها ثاني عشريه صلى بالجامع الأموي غائبة على الشمس القدسي المتقدم ذكره، بعد أن خطب شيخنا سراج الدين بن الصيرفي أعلى منبر المقصورة الجديد، بعد فراغ الجامع المذكور من عمارته، بعد حريقة النار.
وفي يوم الثلاثاء سادس عشريه دخل المحمل الشريف من القبة، وأميرهم يلباي دوادار السلطان بدمشق كما قدمنا، وهو من الشجعان لكنه في غاية من الظلم؛ وجاور شمس الدين محمد الكفرسوسي الشافعي.
وفيه عزل القاضي قطب الدين الخيضري، وهو يومئذٍ بمصر، عن وظيفة قضاء الشافعية، وتولاها مكانه صلاح الدين محمد بن عبد القادر العدوي البقاعي؛ وعزل موفق الدين العباسي عن نظر جيش دمشق، وتولاها عنه شهاب الدين أحمد بن الخيضري في كتابة