الحياء والقهر، فلأجل إذا لم يحصل لهم سعد في مرادهم من إظهار العظمة والأبهة عند عملها، فنهبت ثم تفرق الجميع، وقد ضحك على الجميع.
وفي يوم الجمعة تاسع عشره عقب صلاتها بالجامع الأموي، اجتمع القضاة والخاصكي الحواط، واسمه آقباي، عند باب الخطابة، والجم الغفير من الناس، وقرأوا ربعات وختموها وأهدوها في صحائف السلطان، لأجل إعفائه عنهم عما رسم به أولاً على يد الخاصكي، الذي جاء بخلعة النائب المتوفى، من الكشف على الأوقاف ومصادرة أهلها، حتى المارستان، وكثر الدعاء له بسبب ذلك.
وفي هذه الأيام قام أهل ميدان الحصى، من رجل من أهل الشويكة، اسمه عبد القادر التاجر الأجرود، في توسعة المسجد الذي قد كان عمر ووسع سنة، فأتوا بالقاضي نور الدين بن منعة الحنفي، وحكم بهدم الخلاء والسلخ اللذين كانا في عمرها شمس الدين بن كامل في السنة المذكورة، وأذن الحنفي في أن يجعل مكانهما مضافاً إلى المسجد المذكور، فهدما، وشرع عبد القادر في عمارة ذلك، وجعل المحراب على أساس جدار الخلاء، فدخل السلخ في المسجد زيادة وما سامته من الغرب، قدام الحمام البيدمري، وقيل الخان الشرمري، فأضافوا هذه القسمة إلى هذه الزيادة المذكورة.
قال شيخنا المحدث جمال الدين بن المبرد الصالحي: وفي هذه السنة، عقب موت النائب قانصوه اليحايوي، أغرى بعض الفقهاء للزعر بأنه يجوز قتل أعوان الظلمة، فصار من قلبه من أحد شيء إما يقتله أو يغريهم ويعطيهم دراهم فيقتلونه، ويحتجون بأنه عواني، حصل بذلك فساد كثير؛ وقتل في هذه الأيام عندنا في الصالحية نحو الثلاثين، منهم: عبد الرحمن بن زريعة، وأبو بكر بن قبيعة، والشكمي الحمصاني، وأحمد بن كديش، وأحمد الكفروري، ووالي الصالحية بشير الطواشي عتيق الشمسي بن القونصي، وفي المدينة نحو المائة منهم: قاضي حمص كان، قدم دمشق فبرطل عليه أعداؤه للشواغرة فقتلوه بسوق البزوريين؛ فسئلت عن هذه المسألة مرتين فأجبت في الأولى بجواب مختصر نحو الكراسة، وفي الثانية بمطول نحو الثلاثين كراساً وسيمته: الذعر في أحوال الزعر، ومحطمهما عدم الجواز، وأنه لا يجوز لأحد إغراؤهم.
[سنة ثلاث وتسعمائة]
استهلت والخليفة أمير المؤمنين المتوكل على الله عبد العزيز بن يعقوب العباسي