وسلطان مصر والشام وما مع ذلك الملك الناصر أبو السعادات محمد بن قايتباي، وهو شاب أمرد، قيل بالغ، محصور من شدة الاختلاف بمصر؛ ونائبه بدمشق فكان قانصوه اليحياوي، والآن لم نتحرر من هو أيضاً: والحاجب الثاني ... وهو غائب بمصر؛ والقضاة بها: الحنفي بدر الدين ابن أخي القاضي الشافعي، والشافعي شهاب الدين بن الفرفور، وهو غائب بمصر أيضاً، والمالكي شمس الدين الأندلسي، والحنبلي نجم الدين بن مفلح، وكاتب السر عبد الرحيم بن الموفق العباسي؛ وناظر الجيش زين الدين عمر بن النيربي، وهو ناظر القلعة، ووكيل السلطان وناظر الأسرى، ووقف السلطان، والترجمة، أخذ الوكالة ونظر القلعة عن صلاح الدين العدوي، والباقي عن تمربغا القجماسي؛ ونائب القلعة جاني بك؛ وصاحب مكة السيد محمد بن عجلان؛ وصاحب الروم محمد بن بايزيد؛ وصاحب العرب محمد ين يوسف، وقد اتفق في هذه الأعوام أربعة سلاطين، كل منهم اسمه محمد كما ذكرنا.
وفي يوم الثلاثاء مستهلها، لم يكن بدمشق من يحكم غير آقباي الحواط، دوادار خال السلطان، وهو غر بقواعد الأمور، وطريق مصر مخيف، ولذا قل المخبر عن أهلها؛ وثارت زعر دمشق، وزحف زعر القبيبات على أهل ميدان الحصى ولم يحصل للوليمة التي تقدم ذكرها نتيجة.
وفي ليلة الأربعاء تاسعه ورد من مصر نجاب صحبته كتب ومراسيم، واشتهر بدمشق أن الدوادار آقبردي حصر في بيته بعد ما جاء من البلاد القبلية، وقتل من جماعته وجماعة السلطان جماعات، وأن مماليك النائب اليحياوي الذي مات لما دخلوا مصر أنعم عليهم، فقاتلوا قتالاً شديداً، ثم اتفق قانصوه الألفي، وكرتباي الأحمر، وخال السلطان يخشى، واليحياوية، وطلبوا الدوادار فهرب منهم، وتبعوه إلى خان يونس، الذي كان قد حصل له به النصرة في تلك المرة كما تقدم؛ ثم أرسلوا إلى مشائخ اليلدان بالتحريض على قتاله.
وورد مرسوم إلى الخراط آقباي بأن يقبض على نائب القلعة الجديد ونقيبها، الذي كان شفيع اليحياوي قبل موته في استمراره بها، ورد النقيب الذي كان أتى صحبة نائبها الجديد، فلما قرأ الحواط المرسوم أرسل إلى نائب القلعة بأن يدق البشائر عشية، فلم يفعل، ولعله لم يسهل به ما وقع في حق الدوادار، ثم دقت البشائر صبحة يوم الأربعاء ثم أتى نائب القلعة