وفي أواخر ليلة الثلاثاء رابع عشريه دخل الأمير قصروه الصغير من مصر إلى دمشق خفية، بخلعة نائب الشام قصروه، فلم يلبسها، فرجع بها.
وفي يوم الجمعة سادس عشريه دخل من حماة نائبها يخشباي إلى دمشق.
وفي يوم الجمعة سابع عشريه، عقيب الصلاة، سافر من دمشق إلى مصر الأمير سيباي، الباش الذي أتى من غزة إلى دمشق، وقد أنعم عليه السلطان الجديد جان بلاط بالحجوبية الكبرى بمصر، فسافر إليها يومئذٍ، وخرج النائب لوداعه، وقد خلع عليه خلعة حمراء بسمور خاص، وسافر معه خلق كثير من المصريين وغيرهم، وكان قد سبقه غالب المماليك المصرية.
[سنة ست وتسعمائة]
... في الحديد، وذلك في يوم السبت تاسع عشر جمادى الآخرة.
وفيه، بعد عصره، طلع السلطان الملك العادل إلى قصر القلعة، وأحضر القضاة والخليفة أمير المؤمنين، وقرئت عليهم مبايعته بدمشق، فأمضاها له الجميع، ودقت لبشائر وقبلت له الأرض؛ فلما علم أهل دمشق ذلك دقت بشائرها أيضاً، وفرحوا بذلك فرحاً كثيراً وكثر الدعاء له، لبغضهم لجان بلاط، لخبث طويته، ورجاءً لعدل الملك العادل، ثم نودي بالزينة بدمشق، واستمرت البشائر والزينة بدمشق، سبعة أيام، ثم رفعا بكرة يوم الأحد رابع رجب منها.
وفي مستهله يوم الخميس، نودي بدمشق عند نائب الغيبة الحاجب الكبير مغلباي، عن دودار النائب تمرباي، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإبطال الخمارات والمناكر، ففرح الناس بذلك، إلا أن السوقة أمروا بالزينة، وهم مشغولون بالمبيت بالأسواق، مع البرد الشديد، وطول اليل، وكثرة الحرامية بدمشق، لغيبة نائبها.
وفي يوم الاثنين خامسه وصل من مصر إلى دمشق دوادار الأتابكي قصروه لأخذ الحريم، وخلع عليه النائب مغلباي، بعد أن أخبره بالأمور التي وقعت بمصر، ثم شرع الدودار في أسباب السفر بالحريم، وجمع الأموال المتعلقة بهم، وحزم الأحمال، وقد تعاظم الأتابكي يومئذٍ بمصر، واستخدم خلقاً كثيراً، وحدثته نفسه بالقبض على السلطان العادل، وضبط عليه كلام يفهم ذلك.
ونقل إلى السلطان على ما قيل عنه، وبلغه أنه بعث جماعة خفية إلى دمشق بالتوصية