استهلت والخليفة أمير المؤمنين أبو الصبر يعقوب بن عبد العزيز العباسي؛ وسلطان مصر والشام وما مع ذلك الملك الناصر أبو السعادات محمد بن قايتباي؛ ونائبه بدمشق كرتباي الأحمر؛ والقضاة بها: الحنفي بدر الدين ابن أخي القاضي الشافعي، والشافعي شهاب الدين بن الفرفور، والمالكي شمس الدين الطولقي، والحنبلي نجم الدين بن مفلح، وأشيع عزله بابن قدامة ولم يصح لمساعدة النائب له؛ والأمير الكبير قانصوه اليحياوي؛ والحاجب الثاني ... ؛ ونائب القلعة الأيدكي، ولاه النائب في السنة الماضية؛ ونقيبها ... وكاتب السر محب الدين الأسلمي؛ وناظر الجيش الخواجا زين الدين محمد النيربي، وهو ناظر الجوالي؛ وناظر القلعة ووكيل السلطان والمحتسب ابن الحنبلية؛ ودوادار السلطان جان بلاط؛ وصاحب مكة الشريف بركات بن محمد بن عجلان؛ وصاحب الروم محمد بن بايزيد بن عثمان وصاحب المغرب محمد بن يوسف.
وفي يوم الاثنين ثاني محرمها، عاد النائب من بلاد ابن ساعد عجلاً إلى دمشق، وتريب بعض الناس من عجلته، ثم شرع في مصادرة الناس في أموالهم وفي عبيدهم، وجمع عبيداً كثيرة، وعلمهم الرمي بالمبندقيات والكفيات والسبقيات بالبارود، وجعلهم طبقات، لكل طبقة كبير، وألبسهم الأقباع والجوخ الحمر، وصاروا يشار إليهم بدمشق، وبطل غالب النقباء وأهل الزعارة.
وفي يوم الثلاثاء، يوم عاشوراء، لبس النائب خلعة خضراء بطراز خاص، وكان يوماً حافلاً بعد أن استبطأ الناس.
وفي يوم الاثنين سادس عشره دخل من مصر إلى دمشق خاصكي من خشداشين النائب، جاء ليتسلم منه قلعة دمشق ليولوا فيها بعد ذلك نائباً، وتلقاه النائب والقضاة، فدخل على العادة بخلعة بطراز خاص، ثم لم يسلمه القلعة وفي يوم الأربعاء خامس عشريه، وهو عيد الزبيب، جمع النائب بالاسطبل جميع من له وظيفة بالجامع الأموي، وآخر ما انتهى الأمر عليه أن لا يستنيب أحد في وظيفته، وأن يباشرهم بنفسه، وأن يسوّي بين المؤذنين والمباشرين في المعلوم، - وفيه أطلق المقبوض عليهم من أكابر الصالحية من المناحيس " كفر فجة ".