للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحمل وفصلان صغار، تجأر بصوتها الأمهات على أولادها، وأولادها على أمهاتها، حتى حزن الناس عليهم، ثم وضعوا في خان الجورة، وفارقوا بين الفصلان وأمهاتهم بالأكل والبيع، فزادوا في الجأر إلى الله، حتى سمعت من مكان بعيد، ولا قوة إلا بالله، ودخل معهم عدة رؤوس مقطعة من العرب المذكورين.

وفي يوم السبت مستهل رجب منها، تحرك سعر القمح، ولا قوة إلا بالله. وفي هذه الأيام تواترت الأخبار بأن بلاد ابن عثمان مخبطة، وأن بني الأصفر زحفوا على بلاده، وهو في شدة منهم. ودخل إلى دمشق من حلب نائب قلعتها الأمير كرتباي من أقارب الدوادار الكبير بمصر، ليكون نائب صفد. وأتى لتلقيه أكابر صفد، ثم سافر من دمشق إليها يوم الاثنين رابع عشريه.

وفي بكرة يوم الخميس سابع عشريه سافر القاضي الشافعي من دمشق إلى مصر، وخلع عليه النائب خلعة بيضاء بمقلب سمور.

وفي يوم الجمعة سابع عشرين شعبان منها، وجد صبي مميز مذبوحاً بخرابة على مكان حمام قصيفة، بمحلة قصر حجاج، وصودر أهل المحلة بسببه، وأبواه معروفان.

وفي غداة يوم الجمعة تاسع عشر رمضان منها، نهب جماعة نائب القلعة سوق السلاح، وشرع يحصن القلعة بآلات الحصار، فتخبطت دمشق وكثر الكلام واختلفت الظنون، حتى قطع غالب الناس بموت السلطان، وأنه ورد إلى نائب القلعة المذكورة مكاتبة المصريين بوفاة السلطان، وأنه لم يتجدد سلطان، واشتهر هذا الظن، بل نطق به جماعات، واستمر إلى بعد صلاة الجمعة، ثم ظهر أن سبب ذلك أنه وقع بينه وبين قطج دوادار النائب لأجل بعض الناس، فأصلح بينهما النائب وخلع عليهما، فدل ذلك على سخافة عقل نائب القلعة وقلة حرمة النائب ولا قوة إلا بالله.

وفي ليلة الأحد حادي عشرينه سافر قطج إلى مصر، سفره أستاذه النائب، وكان قد طلبه السلطان قبل هذه القضية، فسافر ليعرضها على السلطان، وينظر ماذا طلب بسببه.

وفي يوم الثلاثاء نادى النائب بالزينة، كما فعل بمصر وغيرها لعافية السلطان ونزوله إلى الحوش، فزينت دمشق غصباً لوقوف الحال، وكثرة الأراجيف والحزن لما جرى على أهل حماة من نائبها آقباي، واجتماع نائب حلب وطرابلس وحمص بها، وضرب نائبها فيهم بالسيف، ونهب الحريم وسبيهم وقتل الصغار، وذهب في نهر العاصي خلق كثير غرقاً، وحصل بسبب الزينة فساد كثير من عدة أنواع، في مثل هذا العسر، نهباً بالليل، ولا قوة إلا بالله.

وبين العشاءين ليلة الثلاثين منه، وقع حريق تحت طارمة القلعة، حتى وصلت النار إلى

<<  <   >  >>