العسكر الطائع عليه بالميدان يوم الخميس المذكور، وأن الركوب على العصاة غداً، يوم الجمعة، مستهل الشهر الجديد.
وفي بكرة يوم الجمعة مستهل ربيع الأول منها، أراد الباش المذكور أن يركب بالعسكر ويهجم على العصاة بالمصطبة، فوقع المطر، فعوقوا عن ذلك.
وفي بكرة يوم السبت ثانيه ركب جيش دمشق كله، والعشير جميعة، ووقفوا، ثم تفرقوا من المطر أيضاً، ثم أتاهم رجل من السعادة وأظهر لهم أنه أتى من مصر بمراسيم شريفة، فظهر أنه من عند العصاة مزور، فقطع لسانه ويده، نودي عليه بذلك.
وفي يوم الثلاثاء خامسه، وهو أول تشرين الثاني، ورد الخبر من طرابلس بوفاة نائبها أينال، الذي قيل عنه إنه استقر في نيابة حلب، كما تقدم ذكره، وإنه لو عاش كان يخامر مع العصاة.
وفي بكرة يوم الخميس سابعه حمل العصاة من المصطبة أثقالهم وموجودهم، فشاع ذلك في دمشق، فظن أهلها أنهم يريدون الذهاب إلى طرابلس لأخذ مال نائبها أينال المتوفى، أو أنهم ينزلون إلى البحر منها، فساروا نحو الغوطة، وأتوا على قرية بيت الآبار، ثم على قرية البويظة، فخرج جماعة من جند دمشق وكشفوا قبليها ورجعوا بعد العصر، ومعمار السلطان وجماعة المعمارية يومئذٍ يعمرون في أساس سور برأس القبيبات القبلي، كما فعلوا في محلة العنابة، ومقابر باب الصغير، وغيرها من الأماكن التي يخاف منها، فهم كذلك وإذا بأوائل العصاة قد أقبل بغتة عجلاً، فوقف جماعة من أهل القبيبات في وجوههم، فقتلوا سريعاً، ثم تلاحق العصاة وهرب المعمارية، وملك العصاة أوائل العمران، ثم تلاحقوا حتى وصلوا إلى عند رأس محلة قصر حجاج، فخرب جماعة من الطائعين إلى داخل المدينة، وآخرون إلى القلعة، وازداد خوف الناس، وأرادوا العوام البطش فاستأمنهم العصاة، وقالوا لهم: لكم الأمان منا ولا تدخلوا بيننا.
ثم دخل الليل ونزل العصاة بميدان الحصى، فالدوادار عند السيد إبراهيم، والنائب المعزول في زاوية ابن عجلان، وتنبك قرا عند الشهاب بن المحوجب، ووالي مصر بتربة تنم.
وفي بكرة يوم الجمعة ثامنه ركب الدوادار وأينال المعزول من نيابة دمشق، وتنبك قرا، وولده، وآقباي نائب غزة كان، وجانم مصبغة، وقنبك نائب إسكندرية، ومعهم جماعة من مشائخ العشير، ومشاة كثيرة، ومماليك أجلاب ملبسة، وطبل الحرب تدق ووقع القتال من محلة مسجد الذبان، إلى محلة الجامع الصابوني، واستمروا.
ولم تصل الجمعة في غالب الجوامع، ثم تفرقوا قبل العصر بعد قتل جماعة من