وفي يوم الاثنين رابع صفر منها، دخل الوفد الشريف إلى دمشق، وحط النائب الجديد قصروه، الذي أتى من نيابة حلب، على المصطبة.
وفي يوم الثلاثاء خامسه دخل النائب المذكور دخولاً حافلاً، وصحبته جماعة من الأمراء الذين كانوا مع آقبردي الدودار، الذي مات بحلب ودفن بها بتربة النائب أزدمر، ثم خشى عليه من نائب حلب الجديد دولتباي عدوه أن ينبشه من قبره ويحرقه، فأتى به صحبته من سحلية، ثم سير النائب تحت قلعة دمشق سبع مرات على العادة، وصحبته الحاجب، وخواص نفسه، ووقف العصاة قدام تربة تغري ورمش، ودخل من جسر من باب الجديد، وأتى إلى باب السر، ونزل فصلى على العادة، ثم ركب ودخل دار العدل.
وفي بكرة يوم الخميس سابعه ركب القضاة الأربعة إلى دار السعادة، ليلبسوا، خلعهم على العادة، فإن العادة أن كل نائب جديد يخلع عليهم عقب دخوله كفالته، فلم يخرج من مبيته لأحد، وقيل إنه ما هو طيب، وقيل ليقبض الهدايا ثم يفضل منها الخلع.
وفي هذه الأيام أمر النائب بشنق ابن الخنش؛ الذي قد كان سعى على ابن عمه ناصر الدين عند النائب المعزول، وأخذ منه البلاد، وكان السبب في نهبها، وهتك حريمها، وحريق زرعها وقتل كثير من أهلها؛ فلما شنق عاد ناصر الدين بن عمه، وفي يوم الجمعة ثامنه لبس القضاة خلعهم المذكورة. وفي عقب الصلاة بالجامع الأموي صلي غائبة على ثلاثة أنفس ماتوا بمكة، منهم الشيخ عبد المعطي.
وفي بعد العشاء ليلة الاثنين حادي عشره خرجت النار من دكان بالحصرية، خارج باب الفرج، فاحترق جميع الحوانيت التي حدها من الزقاق قبلي صفة الخضر حتى حاصل الخشابين، حتى وصلت النار إلى نهر بردى، وامتدت إلى جهة الغرب إلى قدام خان الليمون، ونهبت الأسواق التي بقربها، وهي حوانيت التجار شرقي الخان وغربيه، وحوانيت الخضريين شرقي الحريق، وقيسارية الدهانين غربيه، وما سلم من من الحوانيت بقية الصف القبلي من النقلية، وذهب للناس فيه مال كثير لا يمكن حصره.
وفي صبحة يوم الاثنين المذكور أوكب النائب وطلب زعر أهل الشاغور وأنه يمر في موكبه على حارتهم، فأخذوا أموال خلق، وشعلوا له، وزينوا من عند زاوية المغاربة، إلى حارة القراونة، وعتا هؤلاء الزعر عتواً كثيراً، وكبيرهم رجل يزعم أنه شريف يعرف بقريش