للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن النيربي المذكور، وصار أيضاً المجرم، الذي كان قد أقامه قصروه في حال عصيانه ديواناً لضبط أموال المصريين بدمشق، ابن شنتمر، وغيره.

وفي هذه الأيام شاع بدمشق أن مصر مخبطة، وأن الغوري اختفى، ومعه تنبك الجمالي، وقنبك الرماح، وأن السلطان قد أهلك خلقاً كثيراً تغريقاً وخنقاً، وهو يتبع الجماعة الجانبلاطية من جميع البلاد، وأن نائب حلب أركماس عزل منها، لأنه ظهر منه بعض مخالفة للسلطان.

وفي ليلة الجمعة حادي عشريه ختم الطفل، الثماني السن، زين العابدين، ابن أحد عدول دمشق، شيخنا شمس الدين الخطيب المصري، وخطب على باب مقصورة الجامع الأموي، تحت نسره، وخلع عليه جماعة، ولم يحضر أحد من القضاة الأربعة، بل أرسلوا بعض جماعتهم، ثم مشيت أنا والشيخ محب الدين بن هشام، وجماعات كثيرة من الأفاضل، قدامه، وطفنا دورة دمشق ليلاً، خرجنا من الباب الصغير بالشاغور، ودخلنا من باب الفراديس، وكان مرورنا على دار السعادة، وذكر لنا والده أن هذه عادة المصريين إذا ختم الولد عندهم، ولم يصل هذا الولد بجميع القرآن، وإنما صلى بربعه، وعاد أولاد الشاميين أن يصلوا بالقرآن كله.

وفي يوم الخميس عشريه، وهو خميس البيض، قبض فيه على مملوك أصله افرنجي من بلاد طرابلس، كان خدم مع أينال الفقيه نائب الشام، الممنوع من دخولها، وهو سائر داخل بأبي الفرج والفراديس، ضبط عليه أنه قتل جماعة وأخفاهم، وأخذ أموالهم، وعرّى جماعة من النساء، وأخذ الأساور من أيديهن مجاهرة عند باب المرستان النوري، وأنه كان يأكل بقائم فجوره، فأمر النائب بقطع يده ورجله، ففعل به ذلك عند باب المارستان المذكورة، فهجم العوام عليه وضربوه بالخناجر، وسحبوه حياً بدمائه الكثيرة على الطرقات إلى عند المشنقة بالخراب وحرقوه بالنار؛ فبلغ النائب ذلك، فأمر بالركوب على العوام، فركبت مماليكه وبطشوا في كل من رأوه في طريقهم، وعرّى جماعات وذهب مال كثير للناس، وغلقت الأسواق، ورفع جماعات إلى النائب، فصادر بعضهم، وصفح عن آخرين، وكان يوماً مهولاً.

وفي يوم السبت ثاني عشريه شاع بدمشق عزل نائب حلب أركماس، بنائب غزة الأمير قانصوه رحله.

وفيه نودي بدمشق أن الأمير يلباي الأينالي، الذي كان نائب طرابلس، وصادره قصروه في حال عصيانه، وأخذ موجوده، الذي هو الآن بمصر بعد وصوله من دمشق، قد ولاه السلطان دوادارية السلطان بدمشق، عوضاً عن قانصوه الفاجر، وولاه أيضاً وظيفة نظر الجيش، عوضاً عن الخواجا بن النيربي، وولاه أيضاً

<<  <   >  >>