وفي هذه الأيام رمى النائب مالاً كثيراً على أهل الحارات، من أول حوانيت بياعين لحم البقر، وحمام الانسر، خارج باب الجابية، إلى زقاق المعاصرة، وقناة البريدي، إلى جامع الصابوني، ثم إلى خان خلق، ثم إل مزار سيدي ركب، ثم من المنجكية، قبلي مسجد الذبان، غربي خان الجواميس عرضاً، إلى آخر محلة باب المصلى، لأجل رجلين مراقي الدم شرعاً قتلاً قبل ولايته.
وفي يوم الخميس ثالث عشريه أمر النائب برجلين أزعرين مجرمين قاتلين، مع جماعة أخر، كلهم من الصالحية، قتلوا ابن الجاموس القباقبي من ايام، ثم أتنوا إلى أبيه الذي توعدهم، وهو على باب دكانه يبيع القباقيب بعمارة السلطان، وبقية أولاده عنده، فهرب من قاتلي ولده المذكورين، فتبعوه بحضرة الجم الغفير من أهل السوق فدقوه بالسيوف؛ فلم يزل النائب يتتبعهم إلى أن وقع بهذين دون رفاقهما، فأمر بتخوزقهما في أدبارهما بخوازيق غلاظ في اليوم المذكور.
وفي أواخر هذا الشهر قل اللحم والقمح، وكان النائب قد أمر بإشهار المناداة، أن من كان عنده قمح فليبعه، وإلا نهب بعد ثلاثة أيام، فمسك الناس أيديهم وتوهموا الغلاء، ثم أرسل الله رحمته بالمطر، فكثر إلى يوم الجمعة يوم العيد.
ثم في صبحة السبت مستهل شوال منها، سقط مطر وثلج، وسعرها على حاله.
وفيه نادى النائب بإبطال الخمارات، وأن أهل الذمة لا يتجاهرون بالخمر، وأنهم يحفرون لهم حفراً في حوانيتهم يجلسون فيها.
وفي يوم الخميس سابعه أدير المحمل بدمشق، على العادة.
وفي بكرة يم الأحد عاشره سلم شيخنا محيي الدين النعيمي على دولتباي، الدوادار للسلطان الجديد بدمشق، ووعظه على عادته.
وفي يوم الثلاثاء ثاني عشره عرفت قطعة قماش مع رجل، فسئل، فقال: أهداها لي فلان، فقبض، فاعترف بأخذ شيء من الحرام، فهدد، فأقر على جماعات وسرقات كثيرة، وأن كبيرهم رجل يدعى بالعطيمة الأقباعي، يسكن عند البادرائية، وهو متزوج ببعض جوار النائب، ويمشي قدامه، فأمر النائب بنشر القماش على حبال الخيام بحوش الاصطبل، وأمر بإشهار المناداة بأن أياً ممن سرق له شيء وعرفه يقم من يشهد ويأخذ، فعرف جماعات بعض قماشهم، فسلمه له النائب.