وفي يوم الأحد، تاسع عشري رجب، وقع الدوادار نائب الغيبة برهاطة المصري، نائب ناظر المارستان النوري، ناظر القلعة، وأهانه إهانة بالغة. وفي يوم الأربعاء سلخه نودي بدمشق بالزينة، بعد أن دقت البشائر بأن النائب خرج من مصر، وتجه إلى كفالته على عادته، وأن بعض الناس فارقه بغزة.
وفي يوم الخميس أصبح الناس صياماً بدمشق، فإنه قد ثبت أن أول شعبان الثلاثاء، وكان قياس القاعدة أن يكون أول رمضان الجمعة فإن رابع رجب كان الجمعة. وفي بكرة يوم السبت ثالثه دخل النائب إلى دمشق، مخلوعاً عليه، راجعاً من سفرته إلى مصر، وتلقّاه القاضي المالكي، والقاضي الحنبلي، وأرباب الوظائف على العادة، في أبّهة حافلة.
وفي ليلة الجمعة تاسعه عزل النائب تقي الدين القاري من إمامة الجامع الأموي، وولاّها لشهاب الدين بن الملاح المقريء، ورسم على القاري، ثم أطلقه من الترسيم على مال، فولّي القاضي الشافعي لابن عمه أبي اليمن، واستمرّ إلى بعد العيد الصغير، فأعيد القاري.
وفي يوم السبت ثاني عشري شوال منها هرع الغوغاء إلى الطابق، وقبور أهل الذمة. للفرجة، فأرسل الله عليهم مطراً غزيراً، حتى رأوا في أنفسهم ما لا يوصف، وكان النائب في وليمة مرعى بحجيراً، فأسرع الرجوع، ففاز بذلك.
وفي يوم الأربعاء سابع عشر ذي القعدة منها، خرج من دمشق سريّة من المماليك بأمر النائب، وكبسوا قرية جبّ جنين بالبقاع، ونهبوا مصاغاً وحليًّا كثيراً، وكسروا أعلام الزاوية، وربطوا جماعات من فقراء شيخها الدسوقي، وذهب من الدبس والبرغل والكشك والقمح وغير ذلك شيء كثير، لا يمكن ضبطه، لكون شيخ بعض البلاد أصله من جبّ جنين المذكورة، وقد قتل قتيلاً بقرية الديماس، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الخميس ثامن عشره شاع بدمشق عزل القاضي الشافعي، النجمي ابن الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون، من قضاء الشافعية، وأن العزل كان في يوم الثلاثاء ثاني الشهر المذكور، ثم تبيّن أن أصل الإشاعة كتاب ورد مع فرج بخطّ شهاب الدين الرملي، الذي أطلق من الحبس قريباً، ذكر فيه أن ولي الدين بن الفرفور ولاّه السلطان، وخلع عليه في ثاني الشهر؛ فلم يلتفت النجمي إلى ذلك حتى يأتي شيء يعتمد عليه، واستمرّ في جامع القلعة يعرض ويقرّر، والناس يخوضون له وعليه، وتبيّن صحة ذلك من العزل ومن التولية في التاريخ المذكور.