وقد كان الغزالي مسك المقدم علاء الدين بن العماد المقدسي، الشهير بابن علاق، قبل ذلك، ونهب بيوته وأودعه في الحبس، فأرسل ابن الحنش يقول للغزالي: إن قطعت رقبة ابن علاق، العدو الأكبر لي، فأنا أدرك أمر ملك الروم من بلاد حماة إلى بلادي، على أن توليني نيابة حمص، فأمر بقطع رأس ابن علاق في الحبس، وأرسله إليه إلى المزة، ويقال إنه أرشا الغزالي على ذلك؛ ثم جاء ودخل دمشق، فألبسه الغزالي خلعة، وولاه ما طلبه، ثم ألبس الغزالي أيضاً، بعد ذلك، خلعة لصهر ابن الحنش، ابن جانباي البدوي أمير الشام، ودركه بلاد حوران والمرج.
وفيه رجع متسلماً حماة وحمص، منهزمين من ملك الروم، وأخبرا أن ملك الروم ولي فيهما متسملين من عنده، فانزعج لذلك، وتيقن المغلوبية، وجهز حريمه إلى مصر، وكذا غالب الأمراء بدمشق، وغالب القضاة - وفي يوم الخميس حادي عشريه أذن الغزالي للغز بالسفر إلى مصر بعد منعهم، فسافر خلق كثير منهم ومن غيرهم.
وفي يوم الجمعة ثاني عشريه خرج ابن سلطاننا من دمشق إلى مصر، ومعه جميع العسكر المنهزمين، والمباشرين المصريين، وامرأة نائب الشام سيبباي المقتول، وبنتها، وهي زوجة ابن السلطان المذكور، لكنه لم يدخل بها إلى الآن، وعن جنبتي المحارة لهما ماشياً: أدربش دوادار والدها، وتنم أمير آخور الكبير لوالدها أيضاً، ومعهما نساء كثيرات على جمال بمحاير.
وفي يوم السبت ثالث عشريه لحق من تقدم: تاج الدين بن الديوان، مباشر قلعة دمشق، في محفة، لكون رجله كانت مكسورة، وخرج معه حريمه وخلق من الشاميين، وتبعهم الغزالي بجماعته ملبسين هاربين، ويقال إنه خائف من الزعر، ثم إنهم واجهوه عند باب الجابية، أحد أبواب دمشق، وكان قدامه ماشياً شيخ باب الجابية المعقلي، فقتلوه وغمي عليه.
ثم داروا في البلد وقتلوا جماعات، منهم ابن الحنبلية فقتلوه في بيته، ويقال إنه يستحق القتل، وقد رأيته هد عدة مساجد وترب وباع آلتها وجعل نفسه شريفاً كما قدمناه، وهو ليس بشريف، فإنه ينتسب إلى المسند زين الدين عبد الرحمن بن يوسف الحنبلي الشهير قديماً بابن قريج، وحديثا بابن الطحان، وهو شيخ مشائخنا، ولم نر أحداً منهم، قال ولا كتب ولا أشار إلى أنه شريف.