وفيه قرط قاضي البلد الرومي على أرباب الوظائف الدينية بالمشاعلية، في إحضار مستنداتهم، فجاء بها بعضهم، فنقلها عنده بلسانهم، وأخذ من صاحبها خمسة وعشرين درهماً، وكتب عليه نقل، ووجه صاحبها بها إلى قاضي العسكر ليمضي له ذلك، فإذا رآه وضع رسمه عليه، وتكلف صاحبه مائة درهم أخرى، هذا إن كان المستند غير مستند نظر، وإلا فيحتاج فيه هنا إلى كلفة خمسمائة درهم، كذا قال لي بعض المعدلين.
وفيه شرع الدفتردار يتطلب المربعات للإقطاعات حتى ينظرها، ليتوصل بها إلى أخذ أجودها.
وفي يوم السبت ثامنه خلع الباشوات على نقيب الجيش، العلاء بن طالوا، خلعة على زيهم، ولف عمامته على زيهم من المصطبة، وكذلك للأمير محمد بن يزبك، وللأمير محمد بن مبارك، وجماعته.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشره هرب هؤلاء الذين لبسوا الخلع من دمشق دغشة، وهجمت العساكر عليه، وعلى ضواحيها، للسكنى بها، فأخرجت أناس كثيرة من بيوتها، ورميت حوائجهم ومؤنهم، وطرح جمع من النساء الحبالى، وحصل على الناس شدة لم تقع لأهل دمشق وضواحيها قط، حتى سافر من له قدرة، وبعضهم سكن الجوامع والمدارس بحريمهم، وأخرجت من بيتي ورميت كتبي، ولم يوقروا أحداً، لا صغيراً ولا كبيراً، ولا أهل القرآن، ولا أهل العلم، ولا الصوفية، ولا غيرهم.
واستمر الأمر هكذا إلى يوم الخميس ثالث عشره، فنزل السلطان إلى دمشق، وسكن في بيت تنم غيبة سيباي، الذي سافر إلى مصر، خلف المدرسة النورية الكبيرة، وجعل قيسارية القواسين مطبخاً له، ورحل أهل تلك المحلة كلهم، وكان قدامه أرباب الوظائف، ثم رماة البندق، وخلفه أمردان بشعور مسبلة وكوفيين من ذهب، وخلفهم مماليكه، ثم مائة أمرد، ثم العربات والقلاع، ثم الحمول.
وخف الحال عن الناس في النزول في البيوت، ونزل من بقي من العسكر في الخميسيات، وعين الكرشى، والمرجة، وغير هذه الأماكن، وهم مع ذلك يفتشون البيوت للنزول فيها؛ وكان سبب التخفيف أن متولي الشام مسك شخصاً منهم هجم على امرأة في