بَابٌ الْإِشَارَةُ فِي الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةُ وَأَفْعَالُ الْحَجِّ
يَنْبَغِي لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَصَوَّرَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ إِجَابَةَ الدَّاعِي، وَعِنْدَ تَجَرُّدِهِ مِنَ الْمَخِيطِ لُبْسَ الْكَفَنِ، وَعِنْدَ التَّلْبِيَةِ نِدَاءَ الْحَقِّ، وَمَنْ تَلَمَّحَ الْعِبَادَاتِ بعين التفهم، علم أَنَّهَا مُلازَمَةُ رَسْمٍ يَدُلُّ عَلَى بَاطِنٍ مَقْصُودُهُ تَزْكِيَّةُ النَّفْسِ وَإِصْلاحُ الْقَلْبِ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ التَّعَبُّدِ هو صرف القلب إلى الرب عز وجل، فَلَمَّا كَانَ طَبْعُ الْآدَمِيِّ يَنْبُو عَنِ التَّعَبُّدِ شغلاً بالهوى، وظفت له وَظَائِفَ تُدَرِّجُهُ لِيَتَرَقَّى مِنَ الْفَرَائِضِ إِلَى الْفَضَائِلِ، واعتبر بجميع العبادات، منها: الحج فإنه إنما وظف لِلتَدْرِيجِ إِلَى حَمْلِ الْمَشَاقِّ، فَنَبَّهَ الْمُسَافِرَ عِنْدَ ترك الأهل على قطع العلائق الشاغلة، لينفرد بخدمة الحق، فيفكر في ذلك، وانظر بأي بدن تقصد وَبِأَيِّ بَاطِنٍ تَحْضُرُ، فَإِنَّهُ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ، وَإِذَا أَمَرَكَ الْحَزْمُ بِإِكْثَارِ الزَّادِ خَوْفَ العوز، فاعلم أن سفر القيامة أطول، وعطش الحشر أَقْطَعُ، وَتَذَكَّرْ بِقَطْعِ الْعِقَابِ الْأَهَوَالَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِالْمَوْقِفِ (مَوْقِفَ الْقِيَامَةِ) وَبِالتَّعَلُّقِ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute