هَذَا! انْصَرِفْ عَنِّي. فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُهَا الْكَلامَ، إِلَى أَنْ تَعَرَّفَ مَنْزِلَهَا، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَحَمَلَ معه بغلاً عليه نفقة وكسوة وزاداً، وَجَاءَ فَطَرَقَ الْبَابَ، فَفَتَحَتَ، فَنَزَلَ عَنِ الْبَغْلِ وضربه، فَدَخَلَ الْبَيْتَ، ثُمَّ قَالَ لِلْمَرْأَةِ: هَذَا الْبَغْلُ وَمَا عَلَيْهِ مِنَ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالزَّادِ لَكُمْ. ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى رَجَعَ الْحَاجُّ، فَجَاءَهُ قَوْمٌ يُهَنِّئُونَهُ بِالْحَجِّ، فَقَالَ: مَا حَجَجْتُ السَّنَةَ.
فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! أَلَمْ أُودِعْكَ نفقتي ونحن ذاهبون إلى عرفات. وقال آخر: ألم تسقني بموضع كذا وكذا. وقال آخر: ألم تشتر لي كذا. فقال: ما أَدْرِي مَا تَقُولُونَ؟ أَمَّا أَنَا، فَلَمْ أَحُجَّ الْعَامَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أُتِيَ فِي مَنَامِهِ.
فَقِيلَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ! إن الله جل جلاه قَدْ قَبِلَ صَدَقَتَكَ، وَإِنَّهُ بَعَثَ مَلَكًا عَلَى صُورَتِكَ، فَحَجَّ عَنْكَ.
-وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أنه نوى الحج ومعه ثمان مئة دِرْهَمٍ، فَعَرَضَتْ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ حَاجَةٌ، فَبَعَثَ وَلَدَهُ إِلَى بَعْضِ جَيرَانِهِ فَرَجَعَ الْوَلَدُ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا بُنَيَّ؟ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَارِنَا وَعِنْدَهُمْ طَبِيخٌ فَاشْتَهَيْتُهُ فَلَمْ يُطْعِمُونِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute