للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله. فلما قرأ عباد الكتاب، قال: يَا هَذَا! أَيْنَ هَذَا الرَّجُلُ؟

قُلْتُ: بِالأَبْطَحِ. قَالَ: فَمَرِيضٌ هُوَ؟ قُلْتُ: تَرَكْتُهُ السَّاعَةَ صَحِيحًا. فَقَامَ وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ مَيْتٌ مُسَجًّى عَلَيْهِ عباءة، فَقَالَ لِي عَبَّادٌ: هَذَا صَاحِبُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: تَرَكْتَهُ صَحِيحًا؟ قُلْتُ: تَرَكْتُهُ صَحِيحًا السَّاعَةَ. فَجَلَسَ يَبْكِي عِنْدَ رَأْسِهِ، ثُمَّ أَخَذَ فِي جَهَازِهِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ وَاحْتَشَدَ النَّاسُ فِي جِنَازَتِهِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ، فَتَحْتُ الْكِتَابَ، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَمَّا بَعْدُ، فَأَنْتَ يَا أَخِي نَفَعَكَ اللَّهُ بِمَعْرُوفِكَ يَوْمَ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى صَالِحِ أَعْمَالِهِمْ، وَجَزَاكَ عَنْ صُحْبَتِنَا خَيْرًا، فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَعْرُوفِ يَجِدُهُ لِجَنْبِهِ مُضْطَجِعًا، وَإِنَّ حَاجَتِي إِلَيْكَ إِذَا قَضَى اللَّهُ نُسُكَكَ أَنْ تَنْطَلِقَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فتدفع مِيرَاثِي إِلَى وَارِثِي، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: كُلُّ أَمْرِكَ رَحِمَكَ اللَّهُ عَجَبٌ، وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ أَمْرِكَ، كيف آتي بيت المقدس ولم تسم لي أحداً، ولم تصف لي موضعاً؟ ولا أدري لمن أدفعه؟

قال: وخلف قدحاً، وجرابه ذاك وعصا كَانَ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا.

قَالَ: وَكَفَّنَّاهُ فَي ثَوْبَيْ إِحْرَامِهِ، وَلَفَفْنَا الْعَبَاءَةَ فَوْقَ ذَلِكَ، فَلَمَّا انْقَضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>