مِنَ السِّنِينَ، وَخَرَجْتُ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ، وَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَجُلٌ فِي الْمِحْرَابِ مَجْذُومٌ وَعَلَيْهِ مِنَ الْبَلاءِ شَيْءٌ عَظِيمٌ، فَلَمَّا رَآنِي، سَلَّمَ عَلَيَّ وَقَالَ لَي: يَا أَبَا الْحُسَيْنِ! عَزَمْتَ عَلَى الحج؟ قلت: نعم، على غيظ وكراهية له. فلما قال لي: فالصحبة. فقلت في نفسي: أنا هربت من الأصحاء أقع في يدي مجذوم. وقلت: لا. قَالَ لِي: افْعَلْ. قُلْتُ: لا وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ. فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْحُسَيْنِ! يَصْنَعُ اللَّهُ لِلضَّعِيفِ حَتَّى يَتَعَجَّبَ الْقَوِيُّ. فَقُلْتُ: نَعَمْ (عَلَى الإِنْكَارِ عَلَيْهِ) .
قَالَ: فَتَرَكْتُهُ، فَلَمَّا صَلَّيْتُ الْعَصْرَ، مَشَيْتُ إِلَى نَاحِيَةِ الْمُغِيثَةِ، فَبَلَغْتُ مِنَ الْغَدِ ضَحْوَةً، فَلَمَّا دَخَلْتُ إِذَا أَنَا بِالشَّيْخِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَقَالَ لِي: يَا أَبَا الحسين! يصنع الله للضعيف حتى يتعجب القوي. قال: فأخذني شبه الوسواس في أمره. قال: فلم أحس حتى بلغت القرعا على العدو، فَبَلَغْتُ مَعَ الصُّبْحِ، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا أَنَا بالشيخ قاعد. فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْحُسَيْنِ! يَصْنَعُ اللَّهُ لِلضَّعِيفِ حَتَّى يَتَعَجَّبَ الْقَوِيُّ.
قَالَ: فَبَادَرْتُ إِلَيْهِ فَوَقَعْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى وَجْهِي، فَقُلْتُ: الْمَعْذِرَةُ إلى الله وإليك. قال لي: ما لك؟ قُلْتُ: أَخْطَأْتُ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟، قُلْتُ: الصُّحْبَةُ. قَالَ: أَلَيْسَ حَلَفْتَ وَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نُحَنِّثَكَ. قَالَ: قُلْتُ: فَأَرَاكَ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute