للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجادة، فأعجب ما رأيت فيها رجل لَيْسَ لَهُ يَدَانِ وَلا رِجِلانِ، وَعَلَيْهِ مِنَ الْبَلاءِ أَمْرٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ يَزْحَفُ زَحْفًا، فَتَحَيَّرْتُ مِنْهُ، وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ يَا إِبْرَاهِيمُ. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: بِمَ عَرَفْتَنِي وَلَمْ تَرَنِي قَبْلَهَا؟

فَقَالَ: الَّذِي جَاءَ بِكَ عَرَّفَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ. فَقُلْتُ: صَدَقْتَ إِلَى أَيْنَ تُرِيدُ؟ فقال: إلى مكة. قلت: ومن أين أتيت؟

قال: أنا مِنْ بُخَارَى. فَبَقِيتُ مُتَعَجِّبًا أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ شَزْرًا، وَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ! تَعْجَبُ مِنْ قَوِيٍّ يَحْمِلُ ضَعِيفًا وَيَرْفُقُ بِهِ؟

ثُمَّ دَمَعَتْ عيناه، فقلت: لا يا حَبِيبِي. فَتَرَكْتُهُ عَلَى حَالِهِ وَمَضَيْتُ أَنَا، فَلَمَّا دَخَلْتُ مَكَّةَ، رَأَيْتُهُ فِي الطَّوَافِ وَهُوَ يَزْحَفُ زَحْفًا.

٣٨٠- وَبِهِ حَدَّثَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْخُلْدِيَّ يَقُولُ: حَجَّ عَبْدُ اللَّهِ الأَقْطَعُ عَلَى فرد قدم، قال: فَلَمَّا بَلَغْتُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ وَقَعَ فِي سِرِّي أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ مِثْلِي، فَإِذَا أَنَا بِمُقْعَدٍ يَحْبُو، فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ أَعْجَبُ مِنْهُ.

فَقَالَ لِي: مَا لَكَ تَتَعَجَّبُ مِنْ قَوِيٍّ يَحْمِلُ ضَعِيفًا؟

٣٨١- قرأت على محمد بن أبي منصور، عن الحسن بن أحمد الفقيه، قال: أنبأنا هلال بن محمد، قال: أنبأنا الخلدي، قال: ثنا الْجُنَيْدُ عَنْ ذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ فَتًى فِي فِنَاءِ الْكَعْبَةِ جَالِسًا يَبْكِي، فَقُلْتُ له: يا فتى! مِمَّ بُكَاؤُكَ؟ فَقَالَ: أَنَا الْغَرِيبُ الْمَطْلُوبُ. فَعَرَفْتُ معنى كلامه، فجلست أبكي معه وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى قَضَى نَحْبَهُ. فَخَرَجْتُ، فَاشْتَرَيْتُ لَهُ كَفَنًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>