ليشترك مع ابن أخيه في رسالته المقبلة، وهو الذي مات دون أن يعترف مطلقاً بالإسلام؟ ...
وعلى كل، فإن رئيس القافلة المكية كان يجب عليه أولاً أن يكمل مهمته التجارية، قبل أن يأخذ طريق العودة.
أما فيما يخص الغلام- حتى على فرض أن القصة طرقت سمعه، فإن الحادث- فيما يبدو- لم يغير شيئاً من سلوكه كسائر شباب قريش.
والسيرة اليقظة لوقائع حياته لم تذكر شيئاً خاصاً- منذ هذا الحادث التاريخي- يدل على أن نبي المستقبل قد تجلى له مستقبله.
لقد بلغ (محمد) مرحلة المراهقة في مدينة مولده، فقد كان يختلط بالفتيان، ماراً بشهواتهم وأهوائهم دون أن ينزلق فيها، مع أن أحيان الفساد لم تكن قليلة هناك، فقد كانت المصابيح الحمراء المعلقة على أبواب الجواري المنحرفات يجتذبن شباب مكة، المولعين بحمل السلاح، وعشق النساء، ومطارحة الأشعار، وهم يحملون بشجاعة عنترة وغرام امرئ القيس، وكل منهم يمني نفسه بتخليد اسمه، ويود لو يعلق ذات يوم معلقته (على أستار الكعبة)، والرسول - صلى الله عليه وسلم - نفسه قد حدثنا عما كان يراوده من نزعات الشباب، فقد ورد في الخبر: أنه كان يرعى غنماً لأهله مع فتى من قريش بأعلى مكة، فاستأذنه في أن يبصر له غنمه حتى يسمر بمكة كما يسمر الفتيان، فخرج فما جاء أدنى دار من دور مكة سمع غناء وصوت دفوف ومزامير في عرس بالمدينة، فلها بذلك حتى غلبته عيناه فنام، ثم عراه مرة أخرى مثل ذلك. ومن هذا يظهر أن حادثاً عارضاً غير متوقع يحدث دائماً ليحوله عن قصده، وليست الخرافة هي التي تتكلم في هذا الشأن، ولكنه الشاهد نفسه، أعني التاريخ القائم على الأحاديث الصحيحة، ولدينا في هذه النقطة مرجع مهم: فإن نبي المستقبل كان ولا شك يلقى في غمار