بأنها:"معرفة مباشرة لموضوع قابل للتفكير، أو خاض فيه التفكير فعلاً"- بينما يجب أن يأخذ الوحي معنى:"المعرفة التلقائية والمطلقة لموضوع لا يشغل التفكير، وأيضاً غير قابل للتفكير" لكي يكون متفقاً مع اعتقاد النبي، ومع التعاليم القرآنية. فمن المفيد إذن أن ندرك نوع الظاهرة التي يمكن أن تكمن خلف لفظة (وحي). ونضيف أيضاً أن المكاشفة لا تصحبها أية ظاهرة نفسية بصرية أوسمعية أو عصبية كتقلص العضلات الذي نلحظه في حالة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومن الوجهة العقلية لا تنتج المكاشفة عند صاحبها يقيناً كاملاً، بل كأنما تخلق نصف يقين، أي بعض ما يؤدي إلى ما يسمى (احتمالاً) والاحتمال معرفة يأتي برهانها بعدها، وهذه الدرجة من الشك هي التي تميز المكاشفة من الوحي من الناحية النفسية.
أما يقين النبي فقد كان كاملاً، مع وثوقه بأن المعرفة الوحى بها غير شخصية وطارئة وخارجة عن ذاته.
وهذه الصفات تتأكد في نظر الذي يتلقى الوحي، تأكّداً لا يبقى معه ظل من الشك فما يتصل بموضوعية الظاهرة الموحية، وهذا شرط أول مطلق ضروري لاعتقاد النبي الشخصي.
هل يمكن أن نعزو لمجرد (المكاشفة) تلك الدوافع الشعورية، التي أرغمت (أرمياء) على المقاومة العنيفة ضد مكاشفة (حنانيا)، التي جاءت بعكس آراء أرمياء نفسه، فجعلته يصدر في يقين وعنف حكماً على (حنانيا) بالموت، فيموت فعلاً بعدقليل (١)؟.
وهل كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفسر بالمكاشفة حالة أم موسى حين ألقت ولدها في اليم؟.