يدعونا إلى أن نرى يد الخالق- التي لا تُرى- في أقل خطوط الظل:{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا}[الفرقان ٤٥/ ٢٥، ٤٦]
كيف نفسر هذا القبض اليسير (١)؟ .. إن قانون (الهيثم- ديكارت) يقول إن الشعاع الضوئي الذي ينتشر في مجال ذي كثافة متغيرة باستمرار يخط في مسيره خطاً منحنياً ذا تجويف متجه نحو النقط الأكثر كثافة، وفي هذا المجال يقبض الظل (قبضاً يسيراً) بالنسبة لما قد يكون عليه الفراغ الذي لا يوجد فيه انكسار، وفي هذا توافق ملحوظ بين الفكرة القرآنية والخاصة البصرية المحضة التي يجهلها العلم الإنساني في العصر القرآني.
وبما أننا في حديث الجو، فلنذكر اتفاقاً آخر مما قرره القرآن: فمنذ اكتشاف الطبقات العليا بفضل الطيران والبالونات استطعنا أن ندرك ظاهرة عضوية تنتج عن تمدد الهواء، إذ يشعر الصاعد في العلو ببعض الصعوبة في التنفس، ويحس بالضيق والانقباض. لقد اقتبست الفكرة القرآنية من هذه الظاهرة استعارة بارعة، فيقول القرآن:
وربما أمكننا أن نجزم بأن تسلق الجبال قد لفت نظر هواة التسلق إلى هذه الظاهرة، حتى قبل ارتياد الطبقات الجوية، فضلاً عن أن الآية لا تستخدم في الموازنة تعبير الصعود (في الجبال)، بل تستخدم صراحة تعبير الصعود (في
(١) ذهب المفسرون الذين فاتتهم فكرة القرآن في هذا الباب إلى تفسير هذه الآية متحاشين تحديد معنى الفعل (قبض) مع أنه جد واضح، ومؤولين (يسيراً) تأويلاً غريباً فأصبح معنى الجملة عندهم (ثم قبضناه إلينا وكان ذلك يسيراً علينا). (المؤلف)