أعلموه بموت أبيه، شاهداً تاريخياً على إسراف العرب قبل الإسلام في تعاطي الخمر؛ قال هذا الشاعر ساعتئذ:(اليوم خمر وغداً أمر).
ففي هذا الوسط الذي انتشر فيه شرب الخمر وتجارتها، أثار القرآن المشكلة، وكان من المصلحة أن يتدرج في تكييف الحالة الاقتصادية الجديدة، وربما كان هذا هو الذي يعلل الموقف الثاني، قبل التحريم النهائي.
ولعلنا لا نستطيع أن ندرك أهمية هذه الاعتبارات عن الظاهرة القرآنية لو لم يكن لدينا مثال آخر لتشريع إنساني نجعله أساساً لموازنة الخطة القانونية، لقد أثارت المشكلة بعد ذلك بثلاثة عشر قرناً من الزمان اهتمام المشرعين في أمة، لعلها أرقى الأمم حضارة، هي الولايات المتحدة الأمريكية، وسنضع هنا كما فعلنا قبل ذلك تخطيطاً لخطوات هذا التشريع الذي رأى النور في أمريكا في صورة تعديل دستوري عام ١٩١٩م.
فحوالي عام ١٩١٨م ثارت المشكلة في الرأي العام الأمريكي، وفي عام ١٩١٩م أدخل في الدستور الأمريكي تحت عنوان (التعديل الثامن عشر)، وفي السنة نفسها أيد هذا التعديل بأمر حظر أطلق عليه التاريخ قانون (فولستد) Acte Velstead. وقد أعدت لتنفيذ هذا التحريم داخل الأراضي الأمريكية وسائل هي:
(١) الأسطول أجمعه لمراقبة الشواطئ.
(٢) الطيران لمراقبة الجو.
(٣) المراقبة العلمية.
فماذا كان حل الموقف؟ ..
فشل كامل لأمر الحظر، وسقوط قرره التعديل الدستوري الحادي والعشرون الذي صدق عليه الكونجرس عام ١٩٣٣م.