القرآن بالمعنى الذي حددناه- لغة واصطلاحاً- من طريق التذوق العلمي، أكثر من أن يكون من طريق الذوق الفطري.
وهذا يعني أن الإعجاز كما أدركته العرب وقت النزول، أصبح من أختصاص طائفة قليلة من المسلمين، بيدها وسائل التذوق العلمي.
ومن الممكن أن نتتبع هذا التطور في مرحلتيه في مراجع التاريخ الإسلامي:
١ - فمن ذلك أن السيرة تروي لنا بعض المواقف التاريخية، التي يظهر فيها أثر الإعجاز على الذوق الفطري عند العرب في الجاهلية، ويظهر ذلك في صورتين: أولاهما: إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما تأثر بآيات سمعها من أخته، أو قرأها في صحيفتها.
وثانيتهما: حكم الوليد بن المغيرة حين يقول في القرآن ((والله لقد سمعت كلاماً ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة)). وهنا نرى الوليد يقف على قيد شبر من الإيمان، وقد هزه بيان القرآن، ولكن ما كان للحجة أن تغير أمراً أراده الله، فترى الوليد ينتكس، ويختم كلامه منكراً صدق الرسالة بقوله:" وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا: ساحر جاء يفرق بين المرء وأبيه .. الخ .. ".
وهذا هو صدى الإعجاز في فطرة العرب في صورتين مختلفتين. حتى إذا تقدم الزمن وتغيرت الظروف الاجمتاعية، وتقدمت العلوم، صار الإعجاز موضوع دراسة قائم بذاته، فكتب فيه أئمة البيان، من أمثال الجاحظ في كتابه (نظم القرآن)(وعبد القاهر) صاحب (دلائل الإعجاز).
ومن هذا الأخير نستعير نبذة لتوضيح المقام والمقال؛ نستعيرها على سبيل