للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أصبحت حدود الأندلس الإسلامية، عند وفاة ألفونسو الأول في مستهل تأسيس الإمارة الأموية، تمتد من سواحل المحيط الأطلسي مارة بقلمرية وقورية وطلبيرة وطليطلة ووادي الحجارة وتطيلة ثم تنتهي عند بنبلونة. أما حدود الإمارة الإسبانية فكانت تضم أشتوريش، وسانت أندير Santander، وأجزاء من برغش Burgos، وليون وجليقية. أي أن إمارة جليقية سيطرت على نحو ربع شبه الجزيرة الآيبيرية. أما المناطق التي كانت تقع بين هذين الخطين المذكورين، فكانت مسرحاً للخلاف والمنازعات والحروب الدائمة بين العرب والإسبان (١٣).

لقد عمل كل من ألفونسو الأول، وأخيه فرويلا، الذي عينه حاكماً على مقاطعة كانتبرية، على توسيع هذه المملكة الإسبانية، ومناهضة المسلمين في الجنوب. فكانا يغيران على الأراضي الإسلامية المجاورة، وخاصة في عهد يوسف الفهري الذي كان مشغولاً بالمشاكل والثورات الداخلية. فاستولى ألفونسو على مدينة لك Lugo الحصينة، كما عبر نهر دويرة أكثر من مرة، وعاث في أراضي الأندلس. واستمر الوضع على هذه الشاكلة حتى وفاة فرويلا سنة ١٤٦ هـ/٧٦٤ م، وأخيه ألفونسو في العام التالي أي ١٤٧ هـ/ ٧٦٥ م. وقد خلف ألفونسو ابنه فرويلا الأول، الذي سار على نفس المنوال في غزو أراضي الدولة العربية الإسلامية، مستغلاً انشغال عبد الرحمن الأول بالثورات الخطيرة التي جابهته في أوائل حكمه (١٤). وتوالى الملوك والأمراء على حكم مملكة جليقية بقسمها الشرقي والغربي، ونخص بالذكر منهم غرسية بن ألفونسو الثالث (٢٩٧ - ٣٠١ هـ/ ٩١٠ - ٩١٤ م) الذي نقل العاصمة من مدينة أوفيدو Oviedo إلى مدينة ليون، لتوسط موقعها بين جليقية وأشتوريش. ويدل هذا الإجراء على مدى القوة التي وصلت إليها هذه المملكة، حيث تركت المناطق الجبلية، ونزلت إلى السهول لمواجهة العرب. ومنذ هذا الوقت سُميت هذه المملكة الإسبانية باسم مملكة ليون، بعد أن كانت تسمى مملكة أشتوريش وجليقية.

وقامت إلى جانب مملكة ليون إمارة أو مملكة اسبانية أخرى، هي مملكة نافار أو نبارّة، في منطقة الجنوب الغربي من جبال ألبرت Pyrenees في بلاد الباسك أو البشكنس الجبلية. وكانت هذه الإمارة في أول أمرها تخضع إلى سلطة بعض النبلاء


(١٣) The Cambridge Medieval History, vol. III, p. ٤١٠
وانظر أيضاً: مؤنس، المرجع السابق، ص ٣٤٩ - ٣٥٠.
(١٤) انظر: عنان، المرجع السابق: ١/ ٢١٤ - ٢١٥.

<<  <   >  >>