للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن العلاقات الحربية سرعان ما عادت إلى وضعها الأول بعد وفاة مورجاتو سنة ١٧٣ هـ/٧٨٩ م، وتولي بَرْمود أو برمودة Vermudo (٢٦) . الذي عزل بعد نحو سنتين، ثم حكم بدلاً منه ألفونسو الثاني الذي يسميه العرب ب إذْفونش (١٧٥ - ٢٢٧ هـ/٧٩١ - ٨٤٢ م). ففي هذه الحقبة التي تولى فيها الأندلس هشام بن عبد الرحمن، وابنه الحكم، وحفيده عبد الرحمن بن الحكم، اشتدت الاشتباكات والغزوات بين الجانبين. فقد سيرت الدولة حملات في كل صيف تقريباً في عهد هشام، وحققت انتصارات كبيرة على إمارة جليقية. وكان على رأس هذه الحملات المتجهة إلى الشمال قواد معروفون ساهموا في إقامة الدولة الأموية في الأندلس، منهم أبو عثمان عبيد الله بن عثمان، ويوسف بن بخت، الذي أنزل بالملك بَرْمُود هزيمة ساحقة، واضطره إلى الفرار بنفسه إلى معاقله بعد أن تكبد جيشه عدداً كبيراً من القتلى (٢٧). ومن القادة الآخرين: عبد الكريم بن عبد الواحد بن مغيث، الذي قاد صائفة سنة ١٧٩هـ/٧٩٥ م حتى انتهى إلى مدينة استرقة داخل جليقية، بل إنه وصل مدينة أوفيدو، العاصمة القديمة للإمارة الإسبانية وهزم ألفونسو الثاني الذي كاد يقع أسيراً في يديه، لولا فراره إلى إحدى القلاع البعيدة في الشمال (٢٨).

وقد استغل ألفونسو الثاني انشغال الحكم الأول ببعض الفتن الداخلية، وبخاصة تمرد ماردة، فهاجم أراضي الدولة العربية وتوغل فيها، حيث عبر نهر دويرة، وسار حتى قلمرية وأشبونة في البرتغال الحالية، وعاث في تلك المنطقة، وخربها. فرد الحكم بأن سار بنفسه سنة ١٩٤هـ/٨١٠ م وغزا بلاد الأعداء واستعاد المدن المغتصبة. ثم باشر في إرسال الحملات إلى الشمال، ومنها حملة عبد الكريم بن عبد الواحد بن مغيث سنة ٢٠٠ هـ/٨١٦ م إلى جليقية التي أنزلت ضربة قوية بسكان المنطقة في وادي آرون Arun (٢٩) .

وفي عهد عبد الرحمن بن الحكم، الذي تميز بهدوء نسبي للأحوال الداخلية في الأندلس، استمرت الحملات الصائفة إلى الشمال، وقلما كانت تمر سنة دون جهاد


= بيضون، الدولة العربية في إسبانيا، ص ١٩٩.
(٢٦) Livemore, The Origins of Spain and Portugal, pp. ٣٤٠-٣٥٧.
(٢٧) ابن عذاري: ٢/ ٦٣ - ٦٤.
(٢٨) المصدر نفسه: ٢/ ٦٤ - ٦٥.
(٢٩) المصدر نفسه: ٢/ ٧٣ - ٧٥؛ وانظر: بيضون، المرجع السابق، ص ٢٣٥ - ٢٣٦.

<<  <   >  >>