للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المشترك للدولة العباسية كان من بين الأسباب في توطيد تلك العلاقات، وقد عاصر الخليفة الناصر من أباطرة بيزنطة الإمبراطور قسطنطين السابع المشهور عنه اهتمامه بالعلوم والآداب وكتب الأقدمين.

ويتحدث مؤرخونا عن سفارتين بيزنطيتين وصلتا الأندلس.

الأولى: كانت سنة ٣٣٦ هـ (٣) حيث بالغ الناصر في تزيين بلاطه والاحتفال بالسفراء وفي ذلك يقول ابن خلدون: " وزين القصر الخلافي بأنواع الزينة وأصناف الستور وجعل السرير الخلافي بمقاعد الأبناء والأخوة والأعمام والقرابة، ورتب الوزراء والخدمة في موقعهم ودخل الرسل فهالهم ما رأوا وقربوا حتى أدوا رسالتهم وأمر يومئذٍ الأعلام أن يخطبوا في ذلك المحفل ويعظموا أمر الإسلام والخلافة ... فاستعدوا لذلك ثم بهرهم هول المجلس فوجموا وشرعوا في القول فارتج عليهم (٤) ... فقام منذر بن سعيد البلوطي من غير استعداد ولا رويّة، ولا تقدم له أحد في ذلك بشيء فخطب ... وأنشد شعراً طويلاً ارتجله في ذلك الغرض ... " (٥).

ورافقت هذه السفارة في طريق العودة بعثة من قبل الدولة العربية في الأندلس كان على رأسها هشام بن هذيل يحمل جواباً من خليفته الناصر ويؤكد على توثيق العلاقات بين البلدين وقد استغرقت سفارة ابن هذيل قرابة السنتين (أي إلى سنة ٣٣٨ هـ) عاد بعدها إلى الأندلس (٦). وقيل: إنه عاد صحبة سفارة ثانية للإمبراطورية البيزنطية (٧) استقبلت بمثل ما استقبلت به السفارة الأولى، ويذكر ابن عذاري أن السفراء الوافدين حملوا كتاباً من إمبراطور دولتهم في رق سمائي اللون مكتوب بالذهب وعلى الكتاب طابع ذهب زنته أربعة مثاقيل على أحد وجوهه صورة المسيح عليه السلام، وعلى الوجه الآخر صورة الإمبراطور قسطنطين (٨) وولده.

وفي نفح الطيب (٩) وصف طريف مسهب لاستقبال هذه السفارة وعلى الرغم من أن


(٣) في البيان المغرب لابن عذاري ٢/ ٣١٣ سنة ٣٣٤ هـ.
(٤) كان من بينهم أبو علي القالي البغدادي.
(٥) تاريخ ابن خلدون ٤/ ١٤٣، وينظر: نفح الطيب ١/ ٣٦٤.
(٦) ابن خلدون: ٤/ ١٤٢.
(٧) ابن خلدون: ٤/ ١٤٣، ويشير ابن عذاري: ٢/ ٢١٥ إلى السفارة الثانية في سنة ٣٣٨ دون الإشارة إلى مهمة ابن هذيل.
(٨) البيان المغرب: ٢/ ٢١٥.
(٩) ١/ ٣٦٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>