للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في بلاطه بمدينة فرانكفورت، وأنهت مهمتها بنجاح وعادت إلى الأندلس برفقة سفارة ألمانية جديدة حملت توجيهات محددة إلى السفارة السابقة (١٧)، وعندئذٍ سمح الخليفة الناصر للسفراء بالمثول أمامه وكانت مهمتهم تتحدد بنقطتين:

الأولى: عقد الصداقة بين الطرفين.

والثانية: العمل على إيقاف غارات البحريين الأندلسيين على أملاك الإمبراطورية الرومانية.

ورغم صمت الروايات عن نتائج هذه السفارة، فمن المرجح أن حكومة قرطبة أبدت استعدادها لكل تعاون يدخل ضمن نطاق توثيق الصداقة بين الطرفين وفي نفس الوقت أبدت أسفها عن عدم الوعد بإيقاف الغارات البحرية التي كان يقوم بها البحريون الأندلسيون (١٨) في غاليس وشمال إيطاليا وسويسرة وأماكن أخرى، لكون هؤلاء يعملون لحسابهم الخاص ويسيطرون على مناطق وجزر هي في الأصل خارج نطاق سيادة الدولة العربية في الأندلس، ولا يوجد أي نوع من أنواع العلاقة بين الطرفين (١٩).

وإذا كانت هذه السفارة قد فشلت في تحقيق المهمة الرئيسة التي أوفدت من أجلها، إلا أن فوائدها كانت قيمة ومهمة في جوانب أخرى، فقد أسهمت في تقديم معرفة أفضل لبلاط الخليفة عن أحوال الإمبراطورية الرومانية المقدسة، وثروتها وقواتها ونظام الحكم السائد هناك (٢٠). وإن ربيع بن زيد (رثموندو) لقي المؤرخ لوتيراند في ألمانيا وحثه على وضع كتاب في التاريخ يهتم بأخبار وحوادث العصر (٢١).

٣ - الممالك الإسبانية الشمالية:

كانت الصراعات العسكرية بين الأندلس والممالك الإسبانية الشمالية طاغية على سواها من مظاهر التعاون الودي، فهذه الممالك كانت تدخل حلقة الموادعة عندما تكون عاجزة عن القيام بأي فعل عسكري اتجاه الدولة العربية في الأندلس، وتنهي من جانب


(١٧) عنان، دول الإسلام: ٢/ ٤٥٧.
(١٨) أسس مجموعة من البحارة الأندلسيين في حدود سنة ٢٢٧ هـ دويلة سميت باسم دويلة القلال (فراكسنيتوم) في ولاية البروفانس جنوب فرنسا، واستمرت هذه الولاية في جهادها البحري حتى سقوطها سنة ٣٦٥ هـ. ينظر، الحجي، التاريخ الأندلسي ٣١٣.
(١٩) عنان: ٢/ ٤٥٨؛ وينظر؛ شكيب أرسلان، تاريخ غزوات العرب: ٢٠٧.
(٢٠) أحمد بدر: ١٤٢.
(٢١) أحمد بدر: ١٤٢.

<<  <   >  >>