للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورفعة الشأن، وهادته الروم، وأزدلفت إليه تطلب مهادنته ومتاحفته بعظيم الذخائر، ولم تبقَ أمَّة سمعت به من ملوك الروم والأفرنجة والمجوس (٢٨)، وسائر الأمم إلا وفدت عليه خاضعة راغبة، وانصرفت عنه راضية " (٢٩).

٢ - الازدهار الاقتصادي:

عرفت الأندلس في عهد الناصر بأنها أغنى دولة في العصور الوسطى نتيجة ازدهار الزراعة والصناعة والتجارة وكثرة أموال الغنائم، والأخماس، ودخلت البلاد طوراً من الرخاء والغنى لم يسبق أن وصلته في عصورها السابقة.

والأندلس بلد زراعي قبل كل شيء، وكان الخراج والجزية والأخماس هي المصادر الرئيسة لخزينة الدولة، وبدأت الزراعة بالازدهار نتيجة اهتمام الدولة بهذا المورد المهم فحسنت أحوال العمال الزراعيين وأسقطت بعض الضرائب عن المزارعين، وهيأت لهم ظروفاً زادت من استغلال الأرض وزيادة الإنتاج، واشتهرت الأندلس بزراعة القمح (٣٠) والزيتون وأنواع الفاكهة، فضلاً عن غاباتها التي تعد مصدراً مهماً من مصادر الثروة ومادة أولية تدخل في كثير من الصناعات الخفيفة والثقيلة؛ والثروة الحيوانية والسمكية التي اشتهرت بها مناطق واسعة من الأندلس (٣١).

واستغل الأندلسيون الثروات الطبيعية فاستخرجوا المعادن المختلفة كالذهب والفضة والرصاص والحديد والزئبق والبلور والكبريت والملح، واشتهرت مناطق بعينها بمثل هذه المعادن فالفضة والنحاس كانا يستخرجان من المناطق الشمالية قرطبة ولوشة وتدمير والزئبق من جبال البرانس، والقصدير من اكشونبة، والبلور من لورقة، واشتهرت جبال قرطبة وباغة بأنواع الرخام الجيد وسرقسطة بالملح الأبيض الصافي (٣٢).

والمعادن الآنفة الذكر وغيرها كانت تستخدم في بعض الصناعات التي تحتاجها البلاد لا سيما صناعة الأسلحة من سيوف ورماح ودروع إلى الصناعات الأخرى التي


(٢٨) يعني: النورمان.
(٢٩) نفح الطيب: ١/ ٣٦٦.
(٣٠) قال المقري: " ومن خواص طليطلة أن حنطتها لا تتغير ولا تتسوس على طول السنين يتوارثها الخلف عن السلف " نفح الطيب: ١/ ١٤٣. وينظر: ابن خرداذبة، المسالك والممالك: ٩٠ طبعة ليدن، وابن الفقيه، مختصر كتاب البلدان ٨٧ - طبعة ليدن.
(٣١) عنان، دول الإسلام في الأندلس: ٢/ ٦٨٩.
(٣٢) المقري: نفح الطيب: ١/ ١٤٣ و ١٤٥ و ١٥٠، عنان، دول الإسلام: ٢/ ٦٩٠.

<<  <   >  >>