للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اشتهرت بها مدن الأندلس كالنسيج والملابس (٣٣) والأثاث والورق والزجاج والفخاريات وما يدخل في عداد الكماليات والتحفيات من الصناعات.

وأما التجارة فقد كانت من عماد الاقتصاد في الأندلس، وكانت المرية ومالقة من الموانئ التي شهدت تبادلاً تجارياً مع أقطار أخرى وكانت حصة الدولة جباية الرسوم التجارية المقررة في ذلك الوقت (٣٤). ودخل الأندلس أيضاً العديد من التجار المغاربة والمشارقة حاملين معهم بضاعة بلادهم بعدما وجدوا في قرطبة وغيرها من المدن أسواقاً نافقة وتجارة لا تبور، وتميز بعض هؤلاء التجار وخصوصاً أهل المشرق بترويج تجارة الكتب والمؤلفات النادرة (٣٥).

ومواكبة للإزدهار الإقتصادي الذي عم البلاد أمر الخليفة الناصر سنة ٣١٦ هـ باتخاذ دار السكة في قرطبة لضرب العين من الدنانير والدراهم وولى عليها أحمد بن محمد بن حدير، وضربت أول دنانيرها ودراهمها يوم الثلاثاء لثلاث عشرة بقيت من شهر رمضان من العام المذكور، وكانت الدنانير تضرب من الذهب والدراهم من الفضة. واستمرت هذه الدار بضرب النقود، حتى انتقال الناصر إلى مدينة الزهراء، وأنشأ داراً للضرب فيها، فعطل دار السكة بقرطبة وأغلق بابها، وتقلد عبد الرحمن بن يحيى دار الضرب في مدينة الزهراء فاتصل الضرب بها حتى أفول نجم الزهراء في عهد المنصور بن أبي عامر (٣٦).

أما جباية الأندلس في عهد الناصر فقد بلغت أرقاماً تعد بملايين الدنانير فالجباية من الكور والقرى خمسة آلاف ألف وأربعمائة ألف وثمانين ألف دينار (أي ما يعادل: خمسة ملايين وأربعمائة وثمانين ألف دينار)، ومن السوق والمستخلص سبعمائة وخمسة وستين ألف دينار (٣٧)، وأما أخماس الغنائم فلا يحصيها ديوان (٣٨)، وكانت أموال الدولة مقسمة ثلاثة أثلاث، ثلث يصرف على القوات العسكرية وثلث للإعمار والبناء والثلث الأخير احتياطي في خزينة الدولة يستخدم وقت الطوارئ (٣٩)، وقد ترك الناصر في


(٣٣) اشتهرت المرية بصناعة الحرير وغيرها من المنسوجات، نفح الطيب ١/ ٦٣.
(٣٤) اشتهرت الأندلس بتجارة العنبر الذي كان يصدر إلى مصر وبقية الأقطار الأخرى، نفح الطيب: ١/ ١٤٣.
(٣٥) التجار الذين دخلوا الأندلس من أهل المغرب والمشرق كثيرون، ينظر مثلاً - كتاب الصلة، لابن
بشكوال، والتكملة لابن الآبار، تحت عنوان " الغرباء الذين دخلوا الأندلس ".
(٣٦) ابن حيان: ٥/ ٢٤٣.
(٣٧) ابن عذاري: ٢/ ٢٣١ و ٢٣٢.
(٣٨) المقري: ١/ ٣٧٩.
(٣٩) ابن عذاري: ٢/ ٢٣١، المقري: ١/ ٣٧٩.

<<  <   >  >>