للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نشير إلى سفارات الدول الأخرى التي ارتبطت بالأندلس بوثائق الصداقة منذ عهد والده عبد الرحمن الناصر، ففي سنة ٣٦١ هـ/٩٧٢ م وصلت سفارة إمبراطور القسطنطينية يحملها سفير له يدعى قسطنطين الملقي.

وفي سنة ٣٦٣ م وصلت سفارة إمبراطور ألمانيا أوتو الثاني الذي خلف والده في الحكم، فيها يجدد علائق الصداقة بين الدولتين (٣٦).

مات الحكم المستنصر سنة ٣٦٦ هـ/٩٧٦ م. وولي مكانه ولده هشام المؤيد بعهد منه وكان عمره إحدى عشرة سنة وثمانية أشهر (٣٧)، على الرغم من وجود إخوته المؤهلين لمثل هذا المنصب، وتولية هشام الطفل يعد سقطة كبيرة اقترفها الحكم بحق ولده المذكور والدولة معاً، فقد فرضت وصاية ابن أبي عامر الإجبارية على الخليفة الطفل ولم يعد من سلطات الخلافة غير الاسم وانتقل حكم الدولة في الأصل من الأسرة الأموية إلى أسرة أخرى هي الأسرة العامرية، التي انتهت بمقتل عبد الرحمن بن أبي عامر الملقب (شنجول) وأطاحت بآخر العامريين وفتحت أبواب الفتنة على مصراعيها حتى تم أفول نجم بني أمية نهائياً عن الأندلس في سنة ٤٢٢ هـ وإعلان أهل قرطبة إلغاء الخلافة والحكم الأموي في الوقت الذي أعلنت فيه معظم مدن الأندلس الكبيرة عن قيام دويلات تحمل أسماء زعمائها أو حكامها.

ومن هنا يمكن القول أن حكم بني أمية للأندلس ينتهي بوفاة الحكم المستنصر ٣٦٦ هـ ليبدأ عصر جديد هو عصر الدولة العامرية التي اتخذت شرعيتها من حماية الخليفة هشام المؤيد والحكم باسمه كما سيتوضح من خلال الفصول الآتية.

سيطرة الحاجب محمد بن أبي عامر على السلطة:

حرصت الشخصيات البارزة في الدولة جعفر بن عثمان المصحفي كبير الوزراء ومحمد بن أبي عامر ناظر الخاص وغالب بن عبد الرحمن قائد قوات الجبهة الشمالية على تنفيذ وصية الخليفة الحكم المستنصر القاضية بتنصيب هشام المؤيد خليفة على الأندلس، وقد حرص هذا المجلس على تنفيذ الوصية كما هي ليس من باب الإخلاص


(٣٦) عنان: ٢/ ٥٠٨.
(٣٧) كان مولده سنة ٣٥٤ هـ - ابن عذاري: ٢/ ٢٣٧ و ٢٥٣ وفي الكامل، لابن الأثير: ٨/ ٦٧٧ " عمره عشر سنوات " وفي النفح، للمقري: ١/ ٣٩٦ " وله من العمر تسع سنوات ".

<<  <   >  >>