للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالقوة بسبب حصانة أسوارها، ومقاومة جنود جوليان، فتم عقد الصلح بين الطرفين. وبموجب هذا الصلح ظل جوليان حاكماً على سبتة مقابل اعترافه بالسيادة العربية، ورجع موسى إلى القيروان (٦).

وتذكر الحوليات اللاتينية رواية أخرى مفادها أن أولاد غيطشة هم الذين اتصلوا بالعرب ودعوهم إلى فتح إسبانيا ومساعدتهم في إعادة ملكهم المفقود، وأن الفتح العربي، ونجاحه كان نتيجة لهذا الاتصال (٧). وتشير بعض المصادر العربية أيضاً إلى مباحثات جرت في طنجة قبيل الفتح بين طارق بن زياد وأحد أولاد غيطشة (٨). بينما يقول آخرون أن هذه المباحثات حدثت قبيل بدء المعركة الفاصلة بين طارق بن زياد وجيش القوط بوقت قصير. وذلك عندما أصبح طارق فعلاً في إسبانيا؛ فعرض أبناء غيطشة، أن يتخلوا عن لذريق، ويؤيدوا طارقاً بجنودهم شريطة أن يضمن لهم كل ممتلكات والدهم، والتي تبلغ ثلاثة آلاف ضيعة، وهي التي سميت فيما بعد بصفايا الملك (٩)، وذلك بعد أن يخضع إسبانيا جميعها. ولا تعرض المصادر العربية الأخرى لذكر أية مباحثات بين طارق بن زياد وأولاد غيطشة، بل كل ما في الأمر أن هؤلاء الأولاد وبعض نبلاء القوط قرّروا التخلي عن لذريق في ساحة المعركة لأنهم اعتقدوا خطأ بأن العرب لا ينوون الاستقرار في البلاد، بل أنهم جاؤوا فقط من أجل الغنائم، وأنهم سيعودون بعد اندحار لذريق، ويرجع العرش إلى أسرة غيطشة (١٠). وبطبيعة الحال، فإن رأي هؤلاء المؤرخين أقرب إلى الصواب، وينسجم مع طبيعة الأحداث، فضلاً عن أنه يعارض فكرة نجاح الفتح بمساعدة قوى من داخل إسبانيا، الأمر الذي يروجه أعداء العرب للتقليل من شأنهم وقوتهم، فيبالغون في دور أسرة غيطشة في


(٦) انظر: أخبار مجموعة، ص ٤؛ وقارن: مؤنس، المرجع السابق، ص ٥٣ - ٥٥، عبد الواحد ذنون طه، الفتح والاستقرار العربي الإسلامي في شمال أفريقيا والأندلس، ميلانو - بغداد، ١٩٨٢، ١٤٢.
(٧) (ملحق رقم ٣ لكتاب أخبار مجموعة)
The Chronicle of Albelda, p. ١٦٣;
The Chronicle of Alfonso III, p. ٦١٢.
(٨) الرقيق القيرواني، تاريخ أفريقية والمغرب، تحقيق: المنجي الكعبي، تونس، ١٩٦٨، ص ٧٣؛ ابن عذاري، (برواية عيسى بن أبي المهاجر)، ج ٢، ص ٦.
(٩) ابن القوطية، ص ٥؛ الحميري، ص ٩ - ١٠، المقري؛ ج ١، ص ٢٥٨.
(١٠) أخبار مجموعة، ص ٧ - ٨؛ فتح الأندلس، ص ٦ - ٧؛ ابن الأثير، ج ٤، ص ٥٦٣؛ المقري (برواية ابن حيان) ج ١، ص ٢٣١ - ٢٣٢، ٢٥٧ - ٢٥٨.

<<  <   >  >>