للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفوذ قرطبة إلى ما كان عليه إثر عودة الحملة، وكان الزناتيون أداة هذا النفوذ، فقد عادوا للانسياح في أرجاء المغرب الأقصى والسيطرة على قواعده، وعندما حاول نائب الخليفة الفاطمي الجديد، وهو المنصور بن بلكين بن زيري، استعادة ما فقده ... هزمه الزناتيون تحت قيادة زعيم زناتي جديد بدأ نجمه بالصعود وهو زيري بن عطية حفيد عبد الله بن خزر (٧١)، الذي كان بدوره أخاً لمحمد بن خزر الزعيم المغراوي الذي انضوى تحت لواء الأمويين في أيام الناصر لدين الله، وأقلع المنصور بن بلكين بعد ذلك عن مهاجمة المغرب الأقصى (٧٢)، غير أن الفاطميين أرسلوا إلى المغرب الأقصى الحسن بن كنون ولم يكن إرساله بديلاً عن القوات العسكرية ووسيلة لاستعادة نفوذهم بقدر ما كانت عملية لتعكير الأمن على حكومة قرطبة في هذه المناطق (٧٣). فقد وصل الحسن بن كنون إلى المغرب الأقصى في سنة ٣٧٣ هـ معززاً ببعض القوات الفاطمية (٧٤)، والتفت حوله مجاميع أخرى من قوات البربر لاسيما بنو يفرن الزناتيين، ولكن قوات المنصور ابن أبي عامر تمكنت من إجهاض هجومه ومحاصرته ثم إجباره على الاستسلام واقتيد إلى قرطبة (٧٥)، ولكنه اغتيل بالطريق إليها بتدبير من ابن أبي عامر في سنة ٣٧٥ هـ/٩٨٥ م (٧٦).

وقد تولى أمر المغرب الوزير الحسن بن أحمد بن عبد الودود السلمي، وأصبح زيري بن عطية المغراوي بمثابة المستشار في أموره، وعند وفاة الحسن سنة ٣٨١ هـ انتقلت ولاية المغرب إلى زيري بن عطية الذي عرفت عنه سياسته في ضبط الأمور والسيطرة على البلاد سيطرة تامة (٧٧)، خصوصاً بعد انتصاره على بني يفرن وقتل زعيمهم يدو بن يعلي سنة ٣٨٣ هـ، وعلى الرغم من أن المنصور كافأ زيري بن عطية على خدماته ومنحه لقب (وزير) غير أن الأخير لم يكن قانعاً بهذا اللقب والذي لم يعد (حسب رأيه) ليتوازن مع أعماله التي قدمها للمنصور ابن أبي عامر وكان يطمح إلى لقب الإمارة، وذلك هو ما سعى إليه عندما بدأ بتأسيس مدينة خاصة به وهي مدينة وجدة (٧٨). وعني


(٧١) تفاصيل ذلك في البيان المغرب، لابن عذاري ١/ ٢٤٩.
(٧٢) أحمد بدر: ٩٩ و ١٠٠.
(٧٣) أحمد بدر: ١٠٠.
(٧٤) في الاستقصا، للناصري: ١/ ٢٠٣ كانت بحدود ثلاثة آلاف فارس.
(٧٥) ابن عذاري: ٢٠/ ٢٨١.
(٧٦) ابن عذاري: ٢/ ٢٨١؛ الناصري: ١/ ٢٠٤.
(٧٧) الناصري: ١/ ٢٠٩.
(٧٨) جنوب شرقي مليلة.

<<  <   >  >>