للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القوة في تحقيق أهدافه في الداخل والخارج، فكان وزرائه وكبار رجال دولته يخشونه كما يخشاه منافسوه من حكام دويلات الطوائف، وقد سرد لنا المؤرخون أسماء الشخصيات التي نكبت في عهده ومن بينهم ولده إسماعيل (٣٠)، والعالم عمر الهوزني الذي اشتهر بعلومه وطول باعه وهو ممن له في تاريخ الفكر العلمي الأندلسي نصيب وافر (٣١).

وكانت سياسته الخارجية تقوم على ضرب دويلات الطوائف متى ما وجد لذلك فرصة سانحة تحقق له المزيد من ضم الأراضي إلى دويلة إشبيلية، فقد تمكن من السيطرة على معظم مدن الغرب ومنها جزيرة شلطيش سنة ٤٤٣ هـ ومدينة شنتمرية في نفس السنة ومدينة لبلة سنة ٤٤٥ هـ، وشلب سنة ٤٥٥ هـ، وحاول مرات عديدة الاستيلاء على بطليوس ابتداءً من سنة ٤٤٢ هـ إلا أنه لم يتمكن منها، فاكتفى بالسيطرة على بعض الحصون المهمة التابعة لها.

وهكذا استطاع ابن عباد في نحو عشرين سنة أن يقضي على سائر الدويلات الصغيرة القائمة في غرب الأندلس، وأصبحت دولته تشمل سائر الأراضي الممتدة من نهر الوادي الكبير غرباً حتى المحيط الأطلسي عدا رقعة تقع شرق هذا الوادي، قرر ابن عباد بعد ذلك استخلاصها من حكامها حتى يؤمن دولته من هذه الناحية، ويمتلك حرية الحركة في اتجاه الشمال والشرق (٣٢). فاستولى على رنده سنة ٤٥٧ هـ وعلى أركش وشذونة وما يلحق بها، ومورور سنة ٤٥٨ هـ، وقرمونة سنة ٤٥٩ هـ وكان ابن عباد قد استولى على باب الأندلس من الجنوب وهو الجزيرة الخضراء سنة ٤٤٦ هـ وقضى على نفوذ الحموديين فيها.

وهكذا أصبحت دولة بني عباد " تضم من أراضي الأندلس القديمة رقعة شاسعة تشمل المثلث الجنوبي من شبه الجزيرة، وأرض الفرنتيرة شمالاً حتى شواطئ الوادي الكبير، ثم تمتد بعد ذلك من عند منحنى الوادي الكبير، غرباً حتى جنوب البرتغال


(٣٠) ينظر: محمد بن عبود: ٦١ - ٦٣.
(٣١) في الصلة، لابن بشكوال: ٤٠٢ " عمر بن الحسن بن عبد الرحمن الهوزني ... كان متفنناً في العلوم، قد أخذ من كل فن منها بحظ وافر، مع ثقوب فهمه وصحة ضبطه ... قتله المعتضد بالله عباد بن محمد ظلماً بقصره بإشبيلية ودفنه به ليلة السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر من سنة ٤٦٠ هـ، وتناول قتله بيده ودفنه بثيابه وقلنسوته، وهيل عليه التراب داخل القصر من غير غسل ولا صلاة ". وينظر أيضاً، ابن الآبار، الحلة السيراء: ٢/ ٢٣٩.
(٣٢) ينظر: عنان: دول الطوائف: ٤٤.

<<  <   >  >>