للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حملة طارق بن زياد:

إن النتائج المرضية التي حققتها مهمة طريف شجعت طارقاً على المضي في خطته بالفتح، فقرر أن يقود بنفسه الحملة المقبلة التي كانت تتألف من اثني عشر ألف رجل من مقاتلي العرب والبربر المسلمين. وكانت نسبة البربر المشاركين في هذه الحملة عالية نظراً لاعتناقهم الإسلام وانتظامهم في الجيش (١٦). وكان معظم المقاتلين من العرب قد رجعوا إلى القيروان مع موسى بن نصير ولم يبقَ مع طارق بن زياد إلا عدد قليل من العرب من أجل أن يعلموا البربر مبادئ وتعاليم الإسلام (١٧). ويُعد عبد الملك بن عامر المعافري، الجد الأعلى للمنصور بن أبي عامر، من أشهر الرجال العرب المساهمين في هذه الحملة (١٨). ويذكر بعض المؤرخين أن جيش طارق كان يتألف أول الأمر من سبعة آلاف رجل، ثم لحقهم خمسة آلاف آخرون أرسلهم موسى بن نصير (١٩)، ولكن الأرجح أن الاثني عشر ألف جندي، المذكورين أولاً، هم الذين كانوا بإمرة طارق وبهم جميعاً عبر إلى الأندلس (٢٠).

وتشير الظروف التي رافقت عبور طارق بن زياد ونزوله على الشاطئ الاسباني إلى أنه كان لا بد قد أبحر من سبتة. ويمكن أن نعتمد على هذه الحقيقة، لأن المصادر تذكر باستمرار أن جيش طارق تم نقله إلى إسبانيا على متن مراكب تجارية قدّمها جوليان حاكم سبتة (٢١). وبطبيعة الحال فقد كان طارق يمتلك سفنه الخاصة به في طنجة، هذا بالإضافة إلى السفن العربية الأخرى التي كانت تنتجها دار صناعة السفن في تونس (٢٢).

ولكن يبدو أنه أراد أن يحيط عملية نزوله بالسرية التامة، وذلك باستعمال مراكب


(١٦) قارن: ابن خلدون، كتاب العبر، بيروت، ١٩٥٦ - ١٩٦١،ج ٦، ص ٢٥٤.
(١٧) ابن حبيب، استفتاح الأندلس، تحقيق الدكتور محمود علي مكي، مجلة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد، العدد الخامس، ١٩٥٧، ص ٢٢٢، ابن عبد الحكم، ص ٢٠٤ - ٢٠٥؛ الرقيق، ص ٦٩ - ٧٠.
(١٨) ابن عذاري، ج ٢، ص ٢٥٦ - ٢٥٧؛ المقري، ج ١، ص ٣٩٦ - ٣٩٩.
(١٩) المصدر نفسه (برواية ابن حيان) ج ١، ص ٢٣١ - ٢٣٢؛ أخبار مجموعة، ص ٧.
(٢٠) انظر: عبد الواحد ذنون طه، المرجع السابق، ص ١٦٢.
(٢١) ابن عبد الحكم، ص ٢٠٥ - ٢٠٦؛ البلاذري، فتوح البلدان، ص ٢٣٠؛ الرقيق، ص ٧٤؛ ابن عذاري (برواية الرازي)، ج ٢، ص ٦.
(٢٢) قارن: العبادي، المرجع السابق، ص ٥٩ - ٦٠؛ بيضون، المرجع السابق، ص ٦٧ - ٦٩؛ سالم، المرجع السابق، ص ٧٢.

<<  <   >  >>