للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل من القائدين كان حتماً خدمة المبادئ الإنسانية التي حملها العرب، وتوصيلها إلى شعوب الأرض الأخرى، وبالتالي، فإن النتيجة واحدة، وهي فتح هذا الجزء من العالم وتحريره وليس أدل على هذا من مسارعة موسى بن نصير، حين سماعه بأنباء الفتح، إلى نجدة قائده طارق، والعمل على استكمال الفتح الذي تم أخيراً بالتعاون الفعال والمثمر بين القائدين.

ب - خطة الفتح وحوادثه في زمن طارق بن زياد:

لم يكن فتح العرب لإسبانيا مغامرة حربية ارتجالية بل كان فتحاً منظماً مدروساً حسب خطة ذكية وضعها القائد طارق بن زياد. فعلى الرغم من معرفته بالوضع المتردي الذي كانت عليه إسبانيا، لم يغامر بأرواح جنوده دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة والقيام بغارة استكشافية على جنوب إسبانيا لجس النبض ومعرفة مدى مقاومة الأعداء في الجانب الآخر. وقد عهد بقيادة هذه الحملة الاستطلاعية إلى قائد يدعى أبو زرعة طريف ابن مالك المعافري، الذي عبر إلى الأندلس في رمضان سنة ٩١هـ/ آب - أيلول ٧١٠ م (١٤). وكانت قوة طريف الاستطلاعية تتألف من أربعمئة راجل ومئة فارس، أبحر هؤلاء على متن أربعة مراكب هيئت من قبل الكونت جوليان، ونزلت على جزيرة تسمى بالوماس ( Las Palomas) والتي تقع على الشاطئ الاسباني في موضع أصبح يعرف حتى اليوم باسم طريف ( Tarifa) . ولقد تكللت جهود طريف بنجاح باهر، في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة الآيبيرية، وقام بعدة حملات موفقة في المنطقة دون أن يلاقي أية مقاومة، وأصاب كميات وافرة من الغنائم والأسلاب، ثم رجع إلى الشمال الأفريقي (١٥).


= الرقيق المصدر السابق، ص ٧٤؛ ذكر بلاد الأندلس، (مجهول المؤلف) مخطوط الخزانة العامة في الرباط، ورقم ٨٥ ج، ص ٨٤ - ٨٥.
(١٤) المقري، (رواية الرازي) ج ١، ص ٢٥٤.
(١٥) أخبار مجموعة، ص ٦؛ ابن الكردبوس، الاكتفاء في أخبار الخلفاء، ص ٤٥، ذكر بلاد الأندلس، ص ٨٤؛ ابن عذاري (برواية عريب بن سعد) ج ٢، ص ٥؛ وقارن أيضاً:
The Chronicle of Albelda, p. ١٦٣; Saavedra. op. cit., p. ٦٤; p. Gayangos, The History
of the Mohammedan Dynasties in Spain, New-London, ١٩٦٤, reprint of
London, edition, ١٨٤٣, vol. I. pp. ٥١٧-٥١٩.

<<  <   >  >>