للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقط بل نكل أحمد المقتدر بأخوته تنكيلاً ضجت منه العامة وطالبت بخلعه (١٠٣)، ورجحت كفة منافسه يوسف صاحب لاردة، واستجدّت ظروف طارئة أعلت كفة المقتدر مرة أخرى (١٠٤)، وقوت مكانته في هذه الدويلة بعد أن تمكن من استرداد كافة القواعد التابعة لدويلة سرقسطة باستثناء مدينة لاردة (١٠٥)، ثم احتل مدينة طرطوشة سنة ٤٥٢ هـ/ ١٠٦٠ م منهياً بذلك حكم الصقالبة في هذا الثغر (١٠٦).

ومن الأحداث المأساوية التي وقعت في عهد أحمد المقتدر احتلال مدينة بربشتر من قبل النورمانديين سنة ٤٥٦ هـ/١٠٦٤ م فقد خرج النورمانديون من قاعدتهم نورماندي (١٠٧)، يريدون الأندلس، فحاصروا مدينة وشقة إحدى مدن دويلة سرقسطة، وعندما فشلوا في اقتحامها توجهوا إلى مدينة بربشتر التي تعرضت لحصار القوات الغازية، فترة أربعين يوماً، ولم يفكر المقتدر بن هود بنجدة المدينة لكونها من أعمال أخيه يوسف الذي تخاذل بدوره عن تقديم أي عون لها فتركها تلاقي مصيرها. وعلى الرغم من صمود المدينة وبسالة قواتها في الدفاع ورد الغزاة، إلا أنها سقطت ودخلها النورمانديون واستباحوها ودمروا عمائرها واقترفوا في سكانها من المناكير ما لم يقترفه آدمي قبلهم، فعبروا بتلك الأعمال عن حقيقتهم الوحشية وسيرتهم الهمجية، وقد كان صدى هذه النكبة قد عم بلاد الأندلس، مما عجل في العمل على استرجاعها وتطهيرها من دنس الغزاة، وقد سارت قوات المقتدر في جمادى الأولى سنة ٤٥٧ هـ/١٠٦٥ م فعلاً وتمكنت من تحرير المدينة بعد معركة شديدة هزم فيها النورمانديون وحلفاؤهم الموجودون معهم للدفاع عنها (١٠٨)، ووقعت للمقتدر بعد ذلك وقائع مع جيرانه من الممالك الشمالية (ارجون، ونافار، وقشتالة) فقد كانت هذه الممالك تتحين الفرص


(١٠٣) ابن عذاري: ٣/ ٢٢٢ و ٢٢٣.
(١٠٤) تفاصيل ذلك في: البيان المغرب: ٣/ ٢٢٣.
(١٠٥) ابن عذاري: ٣/ ٢٢٤.
(١٠٦) اضطربت الأمور في طرطوشة ولم يتمكن الفتى نبيل أحد فتيان الصقالبة من تدارك الأمور، فاستغل المقتدر الفرصة وزحف لاحتلالها، واضطر نبيل الصقلبي إلى تسليم المدينة دون قتال، ويعد ثغر طرطوشة من المناطق المهمة لأنه مخرج سرقسطة إلى البحر، إذا استثنينا ثغر طركونة الواقع على حدود إمارة برشلونة وكان من أعمال لاردة. دول الطوائف: ٧٣، ٧٤.
(١٠٧) تقع في شمال غرب فرنسا، وقد حصل عليها النورمانديون سنة ٢٢٩ هـ بعد حروب ومفاوضات مع شارل الثالث الملقب البسيط.
(١٠٨) تفاصيل الخبر عن حادثة بربشتر في الذخيرة، لابن بسام ق ٣ ج ١: ١٧٨ - ١٩٠؛ ابن عذاري: ٣/ ٢٢٥.

<<  <   >  >>