ومن خلال العرض السابق لدويلات الطوائف القائمة في الأندلس، يمكن إجمال أهم السمات الأساسية المشتركة لهذا العصر بما يأتي: ١ - انفراط عرى الوحدة الوطنية، وتحول البلاد إلى وحدات أو كيانات صغيرة تسمى بدويلات الطوائف، تتميز كل منها بكيان خاص قائم على مبدأ الزعامة لأسرة من الأسر. والاعتماد على قوة عسكرية لتنفيذ أهدافها وإن كانت تلك القوة تتكون في معظم الأحيان من خليط من العناصر الموالية لهذه الأسرة أو تلك. ونظام الحكم قائم على أساس مبدأ الوراثة، وغالباً ما كان هذا النظام سبباً في حدوث النزاع بين أفراد الأسرة الواحدة، لا سيما عندما تقسم أملاك الدويلة بين أكثر من واحد من أبناء الحاكم.
٢ - توجه جميع الدويلات القائمة نحو العمل لمصالحها الذاتية، دون أي حساب للقضايا القومية، أو حتى مصلحة الجماعة المنضوية تحت لوائها، وكان حكام هذه الدويلات ضعافاً في وطنيتهم ودينهم، ولم يولوا الكرامة الشخصية أي اهتمام فعندما سقطت بربشتر، وطليطلة لم نجد من بين حكام هذه الدويلات من سارع إلى إنجادها، بل إن المقتدر بن هود لم يحرك ساكناً عندما سقطت بربشتر في يد النورمانديين لكونها من أملاك أخيه يوسف، وكان " بينهما نزاع شخصي " حتى أجبر أخيراً أمام غضبة وثورة الشعب إلى إرسال قواته وتطهير المدينة من دنس النورمانديين. أما طليطلة فسقوطها هز الأندلس من أقصاها إلى أقصاها، ولم نجد من أولئك الحكام إلا المواقف المتخاذلة والمشينة.
٣ - الصراع العنيف بين هذه الدويلات، لكسب ما يمكن كسبه من القلاع والحصون والمدن، وقد فقدت الأندلس جراء ذلك الصراع الألوف من أبنائها، وتعرض كثير من المناطق إلى الخراب والدمار، وفقد الأمن، وساءت الأحوال الإقتصادية نتيجة الاضطراب والفوضى التي كانت تصيب المناطق المتنازع عليها.
٤ - دخول جميع دويلات الطوائف بشكل أو بآخر في سلسلة من المحالفات مع أمراء وملوك إسبانيا الشمالية أعداء الأندلس التقليديين، وأصبحت تلك المحالفات جزءًا من السياسة الخارجية لدويلات الطوائف، وغاية تلك المحالفات اقتسام أملاك الدويلات الأخرى، حتى باتت المحالفات تشكل خطراً كبيراً على معظم الدويلات مادياً، نتيجة دفع الأموال الكبيرة لتلك الدويلات مقابل مساعدات معينة، ومعنوياً لتدخلها في سياسة الدويلات القائمة في الأندلس حتى فقدت أكثر الدويلات استقلالها الذاتي، بل وأصبح