رؤساؤها يرسمون سياساتهم العدائية للنيل من الدويلات الأخرى، وكان ذلك هدف سعت إليه الممالك الإسبانية الشمالية ومنذ البداية لإضعاف كل طرف من الطرفين المتنازعين.
٥ - حرص كافة حكام الطوائف على الإرتسام بسمات الملك والتلقب بشتى الألقاب الملوكية والسلطانية وزاد بعضهم أن اصطنع لدويلته وحكمه الشرعية والخلفية اللازمة لتسويغ أعماله وفرض سلطانه على الآخرين، عن طريق تنصيب الخلفاء بطريقة تثير السخرية والاستهجان، كما فعل بنو عباد عندما نصبوا خلف الحصري وادعوا أنه الخليفة هشام المؤيد، وكاتبوا في ذلك حكام الطوائف يدعونهم لمبايعته والدخول في طاعته. أو كما فعل صاحب دانية والجزائر عندما نصب المعيطي خليفة وهو شخص من العامة فبايعوه مقتفين بذلك دعوى بني عباد.
وبعد:
فإذا كان ثمة من حسنة لهذه الدويلات وسمة إيجابية تذكر لها فهي توجهاتها العلمية " فقد كانت في الفترات القليلة التي تجانب فيها الحرب الأهلية تتمتع بقسط لا بأس به من الرخاء وتغمرها الحركة والنشاط، وكان ملوك الطوائف بالرغم من طغيانهم المطبق ... من حماة العلوم والآداب وإنها لظاهرة من أبرز ظواهر عصر الطوائف، أن يكون معظم الملوك والرؤساء من أكابر الأدباء والشعراء والعلماء وأن تكون قصورهم منتديات زاهرة، ومجامع حقة للعلوم والآداب والفنون، وأن يحفل هذا العصر بجمهرة كبيرة من العلماء والكتاب والشعراء الممتازين، ومنهم بعض قادة الفكر الأندلسي والفكر الإسلامي بصفة عامة "(١٢٩).