للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويذكر بعض المؤرخين العرب أن لذريق هرب من ساحة القتال، وأنه قتل أو غرق في مكان يدعى وادي الطين، ولكنهم لم يحددوا موقع هذا المكان (٣٤). ويعتمد الدكتور حسين مؤنس على التشابه الموجود بين اسم وادي الطين، واسم Guadalentin الذي هو أحد فروع نهر شقورة Seguar في محافظة مرسية في شرق إسبانيا، فيقترح بأن وادي الطين ما هو إلا نهر Guadalentin، ولهذا فهو يرى بأن المسلمين لاحقوا لذريق إلى هذا المكان (٣٥)، وهذا احتمال بعيد يصعب تصديقه، لا سيما إذا ما لاحظنا بعد المسافة بين شذونة في الجنوب الغربي من إسبانيا، ومحافظة مرسية في الجنوب الشرقي.

إن موقع المعركة الدقيق ليس له أية أهمية جوهرية بالرغم من كثرة البحوث والمقالات التي كتبت فيه. ومع هذا فعلى الباحث أن يعترف أنه بالرغم من أن المعركة استمرت ثمانية أيام فقط (٢٨ رمضان - ٥ شوال ٩٢هـ/ ١٩ - ٢٦ تموز ٧١١ م)، فإن معركة واسعة النطاق كهذه، سميت بعدة أسماء مختلفة مثل معركة البحيرة، وادي بكة؛ وادي لكة، وادي البرباط، شريش، السواني، والسواقي، لا يمكن أن نحدد لها، كما يرى الدكتور أحمد مختار العبادي (٣٦)، مكاناً واحداً مثل جنوب مدينة شذونة أو شماليها، ولهذا فمن المحتمل جداً أنها حدثت كلياً أو جزئياً في كل هذه المناطق المذكورة التي تقع في كورة شذونة، فهي معركة هذه الكورة بأسرها (٣٧).

استئناف حملة طارق إلى الشمال

انهزم القوط الغربيون في هذه المعركة وتفرق جمعهم، وتكبدوا خسائر فادحة، ولكن مصير لذريق، كما أسلفنا، لم يكن معروفاً. أما المسلمون، فقد استشهد منهم ثلاثة آلاف رجل (٣٨). ولقد كان هدف طارق المباشر أن يلاحق فلول المنهزمين وينهي مقاومتهم قبل أن يستأنف سيره نحو الشمال. وهذا يشير إلى أنه كان على علم تام


(٣٤) الرقيق، ص ٧٥؛ ذكر بلاد الأندلس، ص ٨٥؛ ابن عذاري، ج ٢ ص ٧.
(٣٥) مؤنس، رواية جديدة عن فتح المسلمين للأندلس، مجلة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد، العدد الثامن عشر، ١٩٧٤، ص ٩١ - ٩٣، ١٢٤.
(٣٦) في تاريخ الأندلس والمغرب، ص ٧٢.
(٣٧) انظر: عبد الواحد ط.، المرجع السابق، ص ١٦٨.
(٣٨) ابن الشباط، صلة السمط وسمة المرط، نشرة الدكتور، أحمد مختار العبادي في مجلة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد، العدد ١٤، ١٩٦٧، ص ١٠٧؛ المقري (برواية الرازي) ج ١، ص ٢٥٩.

<<  <   >  >>