للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بطبيعة الموقف في إسبانيا في ذلك الوقت، وأنه أدرك بأن فتح وتحرير إسبانيا بصورة كاملة لا يمكن أن يتم دون القضاء على قوة القوط. وقد افتتح طارق مدينة شذونة بعد انتصاره على لذريق، ولم يُضيّع وقتاً فأكمل سيره إلى مدينة استجة Ecija، التي تجمع فيها فلول القوط في محاولة لمنع المسلمين من دخولها. وفي طريقه إلى هذه المدينة افتتح طارق مورور، وتدعى الآن Moron de la Frontera، في منطقة أشبيلية. وبعد ذلك عسكر قرب استجة وضرب عليها الحصار. وبعد معركة حامية حقق المسلمون نصراً آخر، بالرغم من مقتل وجرح العديد من رجالهم (٣٩). أما فلول جيش القوط فقد هربت إلى مدن أخرى، وازدادت خشية القوط الغربيين جداً عندما تبين لهم عزم طارق على البقاء في إسبانيا، فهجروا مناطق السهول من البلاد، والتجأوا إلى الجبال وبقية المدن الحصينة الأخرى (٤٠).

ولمنع القوط من أية محاولة لتوحيد صفوفهم قرر طارق أن يزحف إلى طليطلة عاصمة القوط الغربيين. وتذكر المصادر أن جوليان نصح طارقاً بتفريق جيشه وإرسال عدة حملات إلى مناطق أخرى من إسبانيا، فأرسل حملات إلى مالقة، والبيرة، ومرسية وقرطبة (٤١). ولكن من غير المعقول أن يقوم طارق بتقسيم قواته القليلة العدد، في الوقت الذي كان ينوي فيه أن يتوغل بعمق في أراضٍ معادية. ويمكن قبول الرواية التي تشير إلى الحملة المرسلة إلى قرطبة، بسبب وجود الاشارات الكثيرة إلى قائد الحملة، مغيث الرومي، وإلى أحداث الحملة نفسها، ومع هذا، فهناك روايات أخرى تنسب قيادة حملة قرطبة إلى طارق بن زياد نفسه (٤٢).

فتح قرطبة:

عهد طارق إلى مغيث الرومي بقيادة الحملة المتوجهة إلى قرطبة. فسار مصحوباً بسبعمئة فارس من استجة بينما زحف طارق ببقية رجاله إلى طليطلة. وعندما وصل مغيث إلى ضواحي قرطبة، عسكر في منطقة تسمى شقندة Seconda، قرب ضفاف نهر


(٣٩) ابن القوطية، ص ٩؛ أخبار مجموعة، ص ٩ - ١٠؛ ابن الشباط، ص ١١٢ - ١١٣؛ ابن عذاري (برواية الرازي) ج ٢، ص ٨.
(٤٠) أخبار مجموعة، ص ٩ - ١٠؛ ابن عذاري (برواية الرازي) ج ٢، ص ٨ - ٩؛ المقري (برواية الرازي) ج ١، ص ٢٦٠.
(٤١) أخبار مجموعة، ص ٩ - ١٠٢؛ فتح الأندلس، ص ٩؛ ابن عذاري، ج ٢، ص ٩ - ١١.
(٤٢) ابن القوطية، ص ٩؛ الرقيق، ص ٧٦؛ ابن الشباط، ص ١١٥ - ١١٦.

<<  <   >  >>