للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منذ اللحظة الأولى لدخول الإسبان غرناطة، تم توزيع مساحات شاسعة من الأراضي على النبلاء الإسبان، فأصبح ملاكوها المسلمون أتباعاً للنبلاء هؤلاء. وفي عام ١٤٩٨ م أجريت عملية عزل العناصر الإسلامية عن المجتمع الإسباني، ووضعوا في أماكن معينة، ليسهل السيطرة عليهم والقضاء عليهم في حالة الثورة (٤٦).

كانت نتيجة هذه السياسة التعسفية التي رافقها إحراق خمنيس للكتب العربية وجعلها أثراً بعد عين أن تأججت نار الثورة بين المسلمين. وفي الوقت نفسه عين الأب خمنيس رئيساً لديوان مجمع قضاة الإيمان الكاثوليكي (محاكم التفتيش)، والتي تأسست في إسبانيا منذ القرن الثالث عشر الميلادي (٤٧). ولقد أقام الملكان الكاثوليكيان محاكم التفتيش أولاً في إشبيلية عام ١٤٨٠ م وفي جميع المدن الأندلسية التي سيطروا عليها، وكانت هذه المحاكم سلاحاً فتاكاً بيد الكنيسة تسحق به كل من لم يذعن لأوامرها (٤٨).

فكان من نتائج سياسة خمنيس التعسفية قيام عدة ثورات أهمها:

١ - ثورة البيازين في غرناطة عام ١٤٩٩ م/٩٠٤ هـ:

كانت صدور المسلمين تغلي كالمراجل نتيجة نقض الإسبان لعهودهم ومواثيقهم، وتفجرت ثورتهم عندما اعتدى أحد رجال الشرطة وخادم للأب خمنيس على فتاة مسلمة في حي البيازين في غرناطة، فهاجموا المعتدين، ففر الخادم وقبضوا على رجل الشرطة فقتلوه. ومن ثم سارت جموع الثوار إلى دار الأب خمنيس الواقع قرب قصر الحمراء للقضاء عليه، لعلمهم بأن هذه الحادثة هي من تخطيطه. واختار الثوار أربعين رجلاً منهم يمثلون حكومة موريسكية مستقلة عن الإسبان.

احتمى خمنيس في بيت حاكم مدينة غرناطة الإسباني (الكونت دي تنديا) مستغلاً المحبة والاحترام بين هذا الحاكم والموريسكيين. أغلق الثوار الطرقات أمام الحملات العسكرية التي أرسلتها السلطات ورموها بالحجارة، واستنجدت السلطات بمطران غرناطة (الأب تالا فيرا) الذي يحظى باحترام الموريسكيين فهدأ من ثورة الموريسكيين واقتنعت حكومتهم بأقواله، والتي لا تعدو مجرد الوعود لأن مطران غرناطة وغيره يعملون أولاً وآخراً لصالح المسيحية والممالك الإسبانية.


(٤٦) حتاملة، التنصير القسري، ص ٦٥.
(٤٧) عبد العظيم رمضان " محاكم التفتيش " مجلة العربي، العدد ٢٥٨، ص ٤٨.
(٤٨) حتاملة، التنصير القسري، ص ٦٦ - ٦٨ - عنان، نهاية الأندلس ص ٣٢٣، ص ٣٢٩.

<<  <   >  >>