للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاولت السلطات تهدئة أهالي حي البيازين بأساليب ماكرة، منتظرة الفرصة الملائمة للقضاء عليهم. وفي الوقت نفسه هربت حكومة الموريسكيين (حكومة الأربعين) من غرناطة إلى إقليم البشرات خشية التنكيل بهم أو ملاحقتهم من قبل السلطات.

وبعد إخماد هذه الثورة عام ١٤٩٩ م قرر ملك غرناطة الإسباني تأسيس محاكم التفتيش في غرناطة، والتي تتبعت المسلمين بالتعميد، كما منعت أي موريسكي من الدخول إلى غرناطة حتى لا يختلط بأهلها فيثير فيهم روح الثورة. كما حُرم على المسلمين اللجوء إلى الكنائس لعلها تخفف عنهم عقوبة الإعدام.

ولم يبق أمام هؤلاء الموريسكيين سوى اللجوء إلى المعاقل المنيعة في رؤوس الجبال ومن هناك يشنون الغارات على القوات الإسبانية التي كانت تلاحقهم باستمرار وتبيد مجموعات كبيرة منهم.

إضافة إلى ذلك أصدر الملكان في ٢٠/تموز/١٥٠١ م أمراً يحرم على الموريسكيين ممارسة أي عمل يمت إلى عقيدتهم ولغتهم بصلة، مما دفع الكثير من الموريسكيين إلى الالتحاق بإخوانهم في رؤوس الجبال (٤٩).

٢ - ثورة البشرات عام ١٥٠١ م/٩٠٦ هـ:

كان من نتائج ثورة الموريسكيين في محلة البيازين في غرناطة، أن ثار إخوانهم في منطقة البشرات الواقعة في جنوبي غرناطة. فأرسلت الحكومة الإسبانية حملة عسكرية للقضاء على هذه الثورة، قادها (الكونت تنديا) -القائد الذي قام بالدور نفسه في ثورة البيازين- وغيره، ففي طريقها كانت تمر على القرى فتجدها مقفرة من رجالها الأشداء الذين التحقوا بثوار البشرات، فتحرق القرى بعد قتل النساء والأطفال والشيوخ.

ولحق بهذه الحملة الملك الإسباني فردينداد وبعض قواده، الذين احتلوا بعض القرى والحصون في الطريق مثل (وادي لكوين) ومدينة (لانخرون) و (لوشار) و (قونقه) و (اندرش) ولقيت الحملة الإسبانية مقاومة عنيفة من الموريسكيين الذين دافعوا عن مدنهم ببسالة (٥٠).


(٤٩) حتاملة، التنصير القسري، ص ٧٧ - ٧٩ - الحجي، المرجع السابق، ص ٥٧٢ - عنان، نهاية الأندلس، ص ٣٢٣.
(٥٠) ينظر، فهمي هويدي، " في بلاد الموريسيك غرباء الأندلس " مجلة العربي، العدد ٢٢٨، ص ٧١.

<<  <   >  >>