للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبيدة مسلم بن أحمد (صاحب القبلة) (توفي عام ٣٠٤ هـ) بالأمور الفلكية، وكان عالماً بالحساب والنجوم وقد عارضه ببعض الأمور ابن عبد ربه الأندلسي (١٠٦).

أما الفلسفة، فقد ورث هذا العلم محمد بن عبد الله بن مسرة (٢٦٩ - ٣١٩ هـ/٨٨٢ - ٩٣١ م) عن أبيه عبد الله بن مسرة (توفي عام ٢٨٦ هـ/٨٩٩ م) حيث ذهب الوالد إلى المشرق، وسار على نهجه الابن الذي رحل أواخر عهد الأمير عبد الله (توفي عام ٣٠٠ هـ) إلى المشرق أيضاً، ثم عاد إلى الأندلس في مطلع القرن الرابع الهجري، فأظهر الزهد والورع، إلا أنه أخذ يبث تعاليمه بين تلاميذه، فظهرت المدرسة المسرية التي انتمى لها بعض المفكرين الأندلسيين أمثال: محمد بن مفرج المعافري، وخليل بن عبد الملك القرطبي، وطريف الروطي وغيرهم (١٠٧)، إلا أن الفقهاء شنوا حملة شعواء ضد المدرسة المسرية اعتباراً من عام ٣٤٠ هـ/٩٥١ م وساعدتهم السلطات الرسمية (١٠٨)، إلا أن رعاية هذه المدرسة رجعت في عهد الخليفة الحكم (٣٥٠ - ٣٦٦ هـ) نظراً لسياسته المتسامحة مع المفكرين (١٠٩).

ونهض الأدب الأندلسي في فترة الخلافة نهضة كبيرة، ساعد عليها ما كان من رقي سياسي ونهوض وتفوق اجتماعي. وأخذت هذه النهضة الأدبية عدة مظاهر منها: ظهور بعض الاتجاهات الجديدة في الشعر. وقد مثله ابن عبد ربه أحسن تمثيل، وكلذلك أبو الحزم جهور بن عبد الله بن أبي عبدة من الأسرة المشهورة (١١٠). وكذلك ظهور الأنواع الجديدة في النثر: فإلى جانب الأسلوب القديم للنثر والذي يسمى النثر الخالص، ظهر نوع جديد من النثر يسمى بالنثر التأليفي ويتألف من فرعين: الفرع الأول يسمى التاريخ الأدبي ويمثله كتاب (أخبار الشعراء بالأندلس) لمؤلفه محمد بن هشام المرواني، وكتاب (شعر الخلفاء من بني أمية) لمؤلفه عبد الله بن محمد بن مغيث، ومن المؤسف أن أكثر هذه المؤلفات قد ضاع (١١١)، أما الفرع الثاني فهو التأليف الأدبي، ويعني ظهور كتب


(١٠٦) ينظر، ابن الفرضي، تاريخ، ترجمة رقم ١٤٢٠ - الحميدي، جذوة، ترجمة رقم ٨٢٢ - الضبي، بغية، ترجمة رقم ١٣٧٢ - سالم، قرطبة، ج ٢، ص ٢٠٩.
(١٠٧) ابن الآبار، التكملة، ج ١، ص ٣٨٥، ص ٣٠٩ - هيكل، المرجع السابق، ص ١٩١.
(١٠٨) ابن حيان، المقتبس، ج ٥، ص ٢٦ - ٢٩.
(١٠٩) ينظر، حازم غانم، المرجع السابق، ص ٢٤٤ - هيكل، المرجع السابق، ص ١٩١.
(١١٠) ابن الآبار، الحلة السيراء، ج ١، ص ٢٤٧ وبعدها - المقري، نفح، ج ١، ص ٣٠٤.
(١١١) ابن بشكوال، الصلة ترجمة رقم ٥٤٦ - الحميدي، جذوة، ترجمة رقم ١٩٥٩ - بالنثيا، المرجع السابق، ص ٣٨٥.

<<  <   >  >>