للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدبية بمفهوم القرن الثالث والرابع الهجري لكلمة أدب، وأحسن نموذج لكتب هذا الفرع، هو كتاب (العقد الفريد) لمؤلفه ابن عبد ربه الأندلسي. ومن مظاهر النهضة الأدبية الأخرى، تطور الإتجاهات الأدبية القديمة المعروفة، وكذلك وفرة النتاج الأدبي وتنوعه، إضافة إلى شيوع الأدب بين الأندلسيين شيوعاً جعله من أبرز سمات الحضارة الأندلسية في هذه الفترة (١١٢). ومن أشهر شعراء هذه الفترة بعد ابن عبد ربه الأندلسي، الشاعر أبو الحسن محمد بن هانئ الأزدي (٣٢٦ - ٣٦٢ هـ) (١١٣).

أما فترة الحجابة ٣٦٦ - ٣٩٩ هـ/وهي فترة حكم الخليفة هشام الثاني، فقد سيطر الحاجب المنصور وأولاده من بعده على أمور الدولة، وهيمنوا على الخلافة الأندلسية، فكان بداية البوار. ووصف هذا العصر بأنه: " عصر القوة التي تحمل الضعف، والانتصار الذي ينطوي على الهزيمة ... " (١١٤).

سارت الثقافة الأندلسية في فترة الحجابة، بقوة الدفع التي كانت سائدة في عصر الخلافة. ومن أولى الملاحظات على علوم هذا العصر، أنه لم نر أي تقدم ملحوظ وجد في أي ميدان من ميادين المعرفة، ولا نرى أعلاماً بارزين في أي فرع من فروع الثقافة، باستثناء تلك البقية الباقية من أعلام فترة الخلافة. وربما كان من عوامل استمرار الدفع للثقافة الأندلسية في هذه الفترة، هو أن الحاجب المنصور كان على صلة قديمة بالثقافة، وقد ارتبط بها منذ نشأته، وأنه كان مصاحباً للعلماء، ويروى عنه: بأنه كان له مجلس علمي يضم كبار علماء عصره، وأن هذا المجلس كان يعقد اجتماعات دورية أسبوعية يحضره المنصور طيلة إقامته بقرطبة (١١٥). ولذا نرى نماذج قليلة للعلماء في مجال اختصاصاتهم، ففي العلوم اللسانية (النقلية) نرى استمرار بعض علماء فترة الخلافة إلى فترة الحجابة: ففي علم التفسير نجد محمد بن عبد الله المقري (٣٤٠ - ٤٢٠ هـ) (١١٦)، وفي علم القراءات نرى عبد الله بن محمد القضاعي (توفي عام ٣٧٨ هـ) الذي كان يقرأ على قراءة الإمام ورش (عثمان بن سعيد) (١١٧). ومن أعلام الحديث في هذه الفترة


(١١٢) هيكل، المرجع السابق، ص ١٩٤، ص ٣٥٥ - ٣٥٦.
(١١٣) ينظر، الحميدي، جذوة، ترجمة رقم ١٥٧ - ابن دحية، المطرب، ص ١٩٢ وبعدها - ابن الآبار، التكملة، ترجمة رقم ٣٥٠.
(١١٤) هيكل، المرجع السابق، ص ٢٦٧.
(١١٥) ابن الآبار، الحلة، ج ١، ص ٢٦٨.
(١١٦) السيوطي، طبقات المفسرين، ص ٥.
(١١٧) حازم غانم، المرجع السابق، ص ١٧٢.

<<  <   >  >>