للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقاومة القوطية، والجيوب التي كان لا بد من القضاء عليها بسرعة، لا سيما في طليطلة وما يجاورها.

وصل موسى بن نصير إلى الأندلس في رمضان سنة ٩٣ هـ/ حزيران - تموز ٧١٢ م. وكان يرافقه جيش عربي يقدر عدده بنحو ثمانية عشر ألف رجل. وكان معظم هؤلاء من القبائل اليمنية، وبقية العشائر العربية الأخرى التي كانت موجودة فعلاً في شمال أفريقيا، وبشكل خاص في القيروان. وضمت الحملة أيضاً أعداداً كبيرة من رجال قريش البارزين، الذين كانوا في مناصب القيادة، إضافة إلى الإداريين، ورجال الدين، وبقية القادة المحنكين من أمثال محمد بن أوس الأنصاري، وحبيب بن أبي عبدة الفهري، وعياش بن أخيل، وعبد الجبار بن أبي سلمة الزهري، والعديد من أبناء موسى نفسه، باستثناء عبد الله، الذي تخلف في القيروان ليتولى مسؤولية ولاية شمال أفريقيا (٥٦).

لقد قسم موسى جيشه إلى وحدات عديدة تبلغ أكثر من عشرين وحدة، كل وحدة تحت راية. وكانت اثنتان من هذه الرايات تحت قيادة موسى المباشرة، بينما تولى ابنه عبد العزيز قيادة راية ثالثة. أما بقية الرايات، فكانت بقيادة قواده من قريش ومختلف العشائر العربية الأخرى. وقد عسكرت الحملة بالقرب من الجزيرة الخضراء لعدة أيام من أجل الراحة والاستعدادات العسكرية. وعندما قرر موسى السير، استشار قواده بشأن الطريق التي يجب سلوكها. وقد اتفق الجميع أن يبدأوا بمنطقة أشبيلية، وبقية الأجزاء الغربية الأخرى، التي لم يفتتحها بعد طارق بن زياد. وقبل أن يغادر موسى الجزيرة الخضراء، أمر بإرساء الحجر الأساس لبناء مسجد هناك تخليداً لذكرى حملته هذه، سمي بمسجد الرايات (٥٧).

خط سير حملة موسى:

لقد كان لأدلاء جوليان وأعوانه دوراً كبيراً في تعريف موسى بن نصير بالطريق الجديدة والمدن غير المفتوحة، وهكذا فقد سارت الحملة بالقرب من شذونة، ثم زحفت شمالاً إلى قرمونة Carmona. ونظراً لقوة هذه المدينة وحصانتها، كان على موسى أن يستعمل الحيلة في فتحها، فأرسل إليها بعض أتباع جوليان الذين أظهروا لأهل


(٥٦) ابن عبد الحكم، ص ٢٠٧؛ الرقيق، ص ٧٦؛ المقري (برواية الرازي) ج ١، ص ٢٧٧.
(٥٧) محمد عبد الوهاب الغساني؛ رحلة الوزير في افتكاك الأسير، مخطوط المكتبة الوطنية بمدريد، رقم ٥٣٠٤، ص ٩٩؛ الرسالة الشريفية، منشورة مع كتاب ابن القوطية، ص ١٩٧ - ١٩٨.

<<  <   >  >>