للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن مع كل هذا فقد رعت دولة المرابطين الحركة الأدبية، وظللت على رجالها وأدخلهم سلاطينها في خدمتهم، فعلي بن يوسف استعان بالوزير أبي القاسم ابن الجد المعروف بابن الأحدب، وبأبي بكر بن محمد المعروف بابن القبطرنة، كما أن الأديب والفيلسوف ابن باجة خدم أمير سرقسطة المرابطي أبا بكر إبراهيم المعروف بابن تافلويت ونظم له الموشح المعروف بمطلعه:

جرر الذيل أيما جر ... وصل الشكر منك بالشكر

فطرب ابن تافلويت لهذا الموشح الذي ختم بقوله:

عقد الله راية النصر ... لأمير العلا أبي بكر (٢٠٧)

ولأمير سرقسطة قصة معروفة مع هذا الأديب (٢٠٨). كما أن الدولة المرابطية شجعت الحركة الأدبية، ودل على ذلك المؤلفات العديدة التي ظهرت في هذه الفترة مثل: قلائد ابن خاقان، وذخيرة ابن بسام، وصلة ابن بشكوال ومسهب الحجاري وغيرها (٢٠٩).

هذه الرعاية التي حظي بها أدباء الأندلس من قبل أمراء المرابطين، أثرت في الأدب الأندلسي تأثيراً محسوساً، فظهر بمظهر القوة، واختفت منه عناصر الضعف التي كانت سائدة عليه أيام ملوك الطوائف، فانتحى الشعراء في شعرهم مناحي الجد والتوقر بدل ما كانوا منغمسين فيه من المجون والبطالة، وذلك نتيجة ارتفاع معنويات أهل الأندلس عموماً بما أحرزوه من نصر على أعدائهم بفضل جهود المرابطين، بعدما كانوا أذلة أمام


= جادك الغيث إذا الغيث همى ... يا زمان الوصل بالأندلس
لم يكن وصلك إلا حلما ... في الكرى أو خلسة المختلس
ينظر، السعيد، الشعر في ظل بني عباد، ص ٢٥٨ - السامرائي، دراسات، ص ٤٠٥ ومن نماذج الزجل.
ما أعجب حديثي ... اشى هذا الجنون
نطلب وندبر ... أمراً لا يكون
وكم ذا نهون ... أمراً لا يهون
ينظر، محمد عبد المنعم خفاجة، قصة الأدب في الأندلس، ج ١، ص ٢٣٢. كامل كيلاني، نظرات، ص ٢٨٩ - عنان، عصر المرابطين، ق ١، ص ٤٥٣ - ٤٥٤.
(٢٠٧) سالم، قرطبة، ج ٢، ص ٩٨، ص ١٨٤ وما بعدها.
(٢٠٨) ابن خاقان، قلائد، ص ٣ - ٤ - السامرائي، علاقات، ص ٤٢٣.
(٢٠٩) ينظر، ابن الآبار، الحلة السيراء، ج ٢، ص ٢١١ - ابن سعيد، المغرب، ج ٢، ص ١٠٨ - الحجي، التاريخ الأندلسي، ص ٤٥١.

<<  <   >  >>