للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان أبرز علماء المذهب المالكي، الفقيه أبا سعيد فرج بن لب (٧٠١ - ٧٨٢ هـ) وكان من أشهر أساتذة المدرسة النصرية ومن تلاميذه: إبراهيم بن موسى بن محمد الغرناطي (توفي عام ٧٩٠ هـ) صاحب كتاب (أصول الفقه)، ومحمد بن سراج (توفي عام ٨٤٨ هـ) وعرف بفتاويه المتعددة، وأبو عبد الله محمد بن علي الفخار الإلبيري، والفقيه محمد بن محمد الأنصاري السرقسطي (توفي عام ٨٦١ هـ) وكانت له شهرة واسعة، وقد شارك السلطان النصري في جنازته لما كان يتمتع به من سمعة وشهرة (٢٧٤). وقد أفتى هذا الفقيه السرقسطي: بأن الإسبان لا يحق لهم من حيث المبدأ بيع أراضي المسلمين التي انتزعوها منهم، لأنهم في الأساس ليسوا أصحابها، وإنما هي أرض إسلامية، ولكن أوضاع المسلمين الذين هم تحت رحمة الإسبان (وهم المدجنون) هي أوضاع خاصة، لذا جاز لهم شراء تلك الأراضي تلبية لحاجاتهم المعيشية (٢٧٥).

وشهد المجتمع النصري حركة زهد قوية في أوساط العامة والخاصة، فكثر الزهاد والمتصوفون. فبالإضافة إلى أوضاع هذه الدولة الخاصة، ساعد على ازدهار حركة الزهد قدوم مهاجرين من الهند وسمرقند وتبريز وخراسان فاستقروا في الأندلس وساهموا في إبراز تيار الزهد، وقد زارهم ابن بطوطة خلال رحلته الأندلسية (٧٥١ - ٧٥٢ هـ) (٢٧٦).

ويشير ابن الخطيب إلى وجود رباطات المتصوفين في حي البيازين بغرناطة بإشراف أبي أحمد جعفر الخزاعي الذي كان يجمع المصلين كل ليلة لقراءة القرآن، وعقد حلقات الذكر، وسماع أشعار المتصوفة ولا سيما أشعار الحلاج (٢٧٧). واشتهرت الزاهدة عائشة بنت عبد الله الأندلسي، التي أمضت حياتها داخل حجرة صغيرة، منصرفة لعبادتها، حتى اتهمت بالجنون (٢٧٨). وترك أبو عبد الله محمد بن المحروق أحد زعماء مدينة غرناطة الطيبات واعتزل في رباط ابن المحروق، وفي رباط العقاب المشهور على سفح جبل مشرف على غرناطة قضى الزاهد ابن سبعين والششتري قسماً من حياتهما (٢٧٩).

ومن أقطاب التصوف في مملكة غرناطة، أبو الحسن علي بن فرحون القرشي


(٢٧٤) المقري، نفح، ج ٢، ص ٥٢، ص ٦٩٩ - ج ٣، ص ٦١٧ - ج ٥، ص ٣٥٥، ص ٤٢٩.
(٢٧٥) فرحات، غرناطة، ص ١٥٥.
(٢٧٦) رحلة ابن بطوطة، ج ٢، ص ٧٦٩.
(٢٧٧) الإحاطة، ج ١، ص ٤٦١ - ٤٦٣ - فرحات، غرناطة، ص ١٥٦.
(٢٧٨) المقري، نفح، ج ٥، ص ٣٠٦.
(٢٧٩) فرحات، غرناطة، ص ١٥٧.

<<  <   >  >>