للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدعاء لبني العباس، الا أنهم لم يلقبوا أنفسهم بلقب خليفة واكتفوا بلقب الأمير أو بني الخلائف أو الإمام (٤).

وهناك روايات تذكر أن عبد الرحمن الداخل لم يخطب للعباسيين طيلة حياته، ولم يخطب الأمراء من بعده كذلك لبني العباس (٥).

ويبدو لنا أن الأمير عبد الرحمن الداخل لم يخطب لبني العباس، ولكن في الوقت نفسه، نراه هو والأمراء الذين تولوا الأندلس من بعده لم يلقبوا بلقب خليفة المسلمين، احتراماً للخليفة الشرعي حامي الحرمين الشريفين، وهو الخليفة العباسي (٦). هذا هو الأصل النظري للخلافة الإسلامية، غير أن مجريات الأمور وتغيرات الظروف حتمت كسر هذا الأصل، فقامت الخلافة الأندلسية عام ٣١٦ هـ وذلك للأسباب الآتية:

١ - قيام الدولة الفاطمية في شمال أفريقية عام ٢٩٦ هـ، وهي ذات أطماع مكشوفة تجاه الأندلس.

٢ - ضعف الخلافة العباسية في المشرق أيام الخليفة المقتدر (٢٩٥ - ٣٢٠ هـ) واستبداد القواد الأتراك بها وعبثهم في شؤون الخلافة.

٣ - الاستجابة لرغبة الأندلسيين في أن يكون أميرهم خليفة للمسلمين، وبخاصة بعد قضائه على أهم حركات التمرد، فأصبح الأمير بحاجة إلى رفع مكانة الأمير السياسية والدينية (٧).

هكذا لقب الناصر نفسه، " الناصر لدين الله أمير المؤمنين " وأصدر منشوراً يتضمن ذلك (٨).

وهكذا تحولت الأندلس من إمارة إلى خلافة، واستمر لقب خليفة في ذرية عبد الرحمن الناصر من بعده حتى سقوط الدولة الأموية في الأندلس عام ٤٢٢ هـ (٩).


(٤) ينظر، ابن عذاري، البيان، ج ٢، ص ٥٨، ص ٦٤، ص ٦٥ - المقري، نفح، ج ١، ص ١٩٨.
(٥) ينظر، المسعودي، التنبيه والإشراف، ص ٣٣٢ - ابن أبي دينار، المؤنس، ص ٤٢ - ٤٣ - فريدة الأنصاري، الإمارة الأموية، ص ٨٥.
(٦) العبادي، دراسات، ص ٥٨.
(٧) ينظر، ابن خلدون، المقدمة، ص ٢٢٨ - العبادي، في التاريخ العباسي والأندلسي، ص ٣٨٠ - الحجي، التاريخ الأندلسي، ص ٣٠٠.
(٨) ابن عذاري، البيان، ج ٢، ص ١٩٨ - سالم، تاريخ المسلمين، ص ٣١٩.
(٩) العبادي، دراسات، ص ٦١.

<<  <   >  >>