للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنفيذه أوامره بالتوقف لحين وصوله إليه، ولكن طارقاً، كما يبدو، استطاع أن يبرر ما قام به، وأن يقنع موسى بوجهة نظره في الفتح، وسرعة القضاء على بقايا القوط من أجل توفير المناخ الملائم للعرب والمسلمين للاستقرار في المناطق المفتوحة. ويدل على هذا، التفاهم المتبادل، والتعاون المشترك الذي ساد بين القائدين خلال فتوحاتهما المشتركة المقبلة (٦٢).

فتوحات موسى وطارق المشتركة في الشمال:

مضى القائدان إلى طليطلة، وربما تم من هناك إرسال وفد إلى الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، كانت مهمته نقل أخبار الفتح إلى دمشق (٦٣). وفي بداية ربيع عام ٧١٤ م/٩٤ هـ، تحركت القوات المشتركة لموسى وطارق نحو الشمال الشرقي، ففتحا سرقسطة وما يجاورها، واستمرا في التقدم، فوقع العديد من المدن الاسبانية الأخرى بأيديهما مثل، طركونة Tarragona، وبرشلونة Barcelona، ولاردة Lerida، ووشقة Huesca (٦٤) . وذكر بعض المؤرخين، ومنهم ابن حيان، أن موسى عبر جبال ألبرت Pyrenees، وتوغل في داخل فرنسا حتى بلغ نهر الرون Rhone (٦٥) . ويقول آخرون إنه أراد أن يكمل زحفه عبر أوروبا حتى يصل إلى القسطنطينية عن طريق الغرب (٦٦)، ويصعب تصديق مثل هذه الروايات التي تفتقر إلى الأدلة التاريخية، وبخاصة أنها لم يرد لها ذكر في الحوليات المسيحية المعاصرة للأحداث.

بعد فتح سرقسطة والجزء الأكبر من منطقة الشمال الشرقي لشبه الجزيرة الآيبيرية، قرر موسى أن يفتتح مناطق قشتالة القديمة Castilla la Vieja، فقسم جيشه إلى قسمين: أسندت قيادة الأول إلى طارق بن زياد، أما الثاني، فظل تحت إمرة موسى نفسه (٦٧).


(٦٢) انظر: عبد الواحد طه، المرجع السابق، ص ١٨١.
(٦٣) ابن عبد الحكم، ص ٢١٠؛ الإمامة والسياسة، ص ١٢٦.
Cf, Livemore, op. cit., p. ٢٩٧.
(٦٤) لمزيد من التفصيلات عن فتح هذه المناطق، انظر: خليل إبراهيم صالح السامرائي، الثغر الأعلى الأندلسي، ودراسة في أحواله السياسية، بغداد، ١٩٧٦، ص ٧١ فما بعدها.
(٦٥) المقري (برواية ابن حيان) ج ١، ص ٢٧٣ - ٢٧٤.
(٦٦) ابن حبيب، ص ٢٢٧؛ الحميري، ص ٢٧؛ ابن خلدون، ج ٤، ص ٢٥٥.
(٦٧) قارن مؤنس، فجر الأندلس، ص ١٠٤، سالم، المرجع السابق، ص ١٠٢.
Saavedra, op. cit., pp. ١١٤-١١٥.

<<  <   >  >>