للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر من التلثم -وهو شعار المرابطين- وأن لا يتلثم إلا صنهاجي أو لمتوني أو لمطي، فهذا يدل على مراقبة المرابطين لأحوال الرعية، وربما كلف بالأمر صاحب الشرطة أو صاحب السوق (١٥١).

وكان منصب صاحب الشرطة من المناصب الإدارية المهمة في الدولة الموحدية، وتبدو أهميته خاصة عند اضطراب الأمور، وكان يشغل هذا المنصب رجال من ذوي المكانة الرفيعة في الدولة ومن كابر الوزراء.

ويبدو لنا من الرسالة التي وجهها عبد المؤمن بن علي عام ٥٤٣ هـ إلى الأعيان والمشيخة في الأندلس، والتي تنحصر في خمسة أمور هي:

وجوب التزام الدقة في تطبيق الأحكام الشرعية، ووجوب الكف عن أخذ أية مغارم أو مكوس لا تبيحها الشريعة، ولا يجوز الحكم في مواد الحدود بالإعدام أو تنفيذه قبل الرجوع إلى الخليفة، ويجب تحريم الخمور ومطاردتها في سائر أنحاء الدولة، ويجب حماية أموال الدولة وعدم التصرف بها بدون حق (١٥٢)، يتبين لنا من هذا كله الإشارة إلى بعض اختصاصات صاحب الشرطة والمدينة والسوق وتحديدها، على الرغم من عدم ورود اسمهم. وقد سار خلفاء الموحدين على هذا النهج فيما بعد كما فعل الخليفة يوسف بإصدار رسالة مشابهة في عام ٥٦١ هـ موجهة إلى أخيه والي قرطبة (١٥٣).

وفي مملكة غرناطة، أعطيت صلاحيات واسعة للقاضي. وكان يعاونه في تصريف القضايا الثانوية قاض مساعد يعرف بصاحب الأحكام، ولعله هو صاحب الشرطة (١٥٤).

ويعاونه أيضاً صاحب السوق المسؤول عن أمور السوق بصورة عامة، كما أنه مسؤول عن تطبيق فروض الدين، وملاحقة المنكرات (١٥٥). ومن أبرز رجال الحسبة والشرطة في مملكة غرناطة القاضي أبو بكر محمد بن فتح الأنصاري الإشبيلي (توفي عام ٦٩٨ هـ) (١٥٦). وكان صاحب الشرطة يعرف في مملكة غرناطة باسم متولي الشرطة، وصاحب المدينة وصاحب الليل. وكان يساعده حراس يجوبون الشوارع ويراقبون


(١٥١) عنان، عصر المرابطين، ص ٤٣٢ - ٤٣٣.
(١٥٢) عنان، عصر المرابطين، ص ٤٠٠ - ٤٠١.
(١٥٣) عنان، عصر الموحدين، ص ٦١٩ - ٦٢٠.
(١٥٤) النباهي، تاريخ قضاة الأندلس، ص ٥.
(١٥٥) فرحات، غرناطة، ص ١٠١ - ١٠٢.
(١٥٦) النباهي، تاريخ قضاة الأندلس، ص ١٢٥ - ١٢٦.

<<  <   >  >>